جريدة السلام أخبار القرن الإفريقي
مقالات مشابهة
قصة خبرية – كتبها علي عبدالله العجري-
في منطقة القبطة محافطة لحج قرى معلقة على اهداب الجبال العالية البالغة الوعورة .الناس هنا يعيشون عيشة الكفاف بل هم اقرب الى المعدمين .لعشرات السنين يكابدون الحياة حتى انحنت الظهور ووهن العظم وامتصت الدروب الحلزونية الاعمار جيلا بعد جيل .واذا سألهم سائل ما اثمن الاشياء واعزها في نظرهم لن تجد الا اجابة متكررة على كل لسان .الماء ولا شي غير الماء.
فقد تهب السماء قطرات منها بين الحين والاخر وقد تحجز ماءها لسنوات متتالية .رحلة الحصول عن شربة الماء في هذه القرى مغامرة شاقة مضنية تخوضها النسوة صباح كل يوم هبوطا الى مجاهيل الوديان وعودة الى قمم الجبال حيث البيوت المعلقة .شابة من نساء القببطة هولاء ضاقت ضرعا برحلة العذاب اليومية هذه ..تأرى لها نبع الماء في عمق الوادي السحيق و ترأت لها قريتها اقرب للسحاب.. تآملت عجوز الى جوارها بلغ بها السن مبلغه ولم تعفها الحياة من رحلة الماء الشاقة كل صباح .فلم يكن من الفتاة الا ان قذفت بنفسها من شرفة احد الجبال الشاهقات الى المنحدر السحيق لتصل جثة مهشمة ولسان حالها يقول : لا اريد حياة كهذه . ماساة دراماتيكية دفعت الاهالي -بكثير من الالم والانين- للبحث عن معجزة توصل الماء الى بيوتهم في الاعالي .وصل انينهم وحزنهم الى مسامع سمو الشيخ محمد بن زايد – ولي عهد ابو ظبي فلم يتاخر في توجيه الايادي البيضاء في الهلال الاحمر الاماراتي لوضع حد لمعاناة قري القبيطة وجعل الماء بين ايديهم سهلا مدرارا .حفرت البئر الاولى فوجدت جافة .ثم الثانية .والثالثة ولا اثر للماء والعين والافئدة تترقب . البئر الرابعة حملة البشرى وجاءت فياضة غزيرة .لكن صعود الماء الى اعلى الجبل لا يقل صعوبة عن البحث عنه في باطن الارض ويتطلب امكانيات ضخمة لرفعه الى الاعلى ثمانية كيلومترات .إمارات الخير في عام زايد الخير ممثلة بالهلال الاحمر الاماراتي لم تدخر مالا ولا جهدا لجعل معجزة الماء في قرى القبيطة حقيقة يلمسها الجميع .فتم توفير اثنتي عشر مضخة ليصل الغيث دفاقا الى اعلى قمم القبيطة ثم ينسكب سخيا في كل بيت من تلك القرى المعلقة بين السماء والارض ومعه ترفرف روح الفتاة التي روت بدمها المنحدر ليحيا الوجود بنعمة الماء .شكرا امارات الخير والامن والسلام .
