رياح التغيير تهب على السودان .. والبشير يتوعد بالإصلاح . بينما معارضيه ينتقدونه ويرفعون سقف مطالبهم، والإنتفاضة مستمرة .

بقلم المهندسة/ تونس حمود الاكوع-

** بدأت عواصف الغضب في السودان تهب من شمال البلاد،. بإحتجاجات عارمة، إنطلقت شرارتها من مدينة عطبرة ( المدينه العمالية ) 19 ديسمبر الجاري، ولم تهدأ بعد ،.حيث توسعت رقعتها لتشمل بورتسودان شرق البلاد،.. نتيجة تردي الأوضاع الإقتصادية والمعيشية التي يعانيها المواطن السوداني،. وتبني السلطة الحاكمة رفع أسعار المواد الأساسية ،والوقود،..بفعل التضخم المفرط في الميزانيه والذي تجاوز 60 % التي أدت إلى إنفجار الوضع بعطبرة ..
مماجعل الجيش ينحاز لحماية المتظاهرين،. ويعتبر هذا مؤشراً لمرحلة جديدة ومشجعاً بالخروج والإحتجاج لتشمل ولايات آخرى. مع إرتفاع مطالب المحتجين،. وأرتفع سقفها إلى تنحي البشير ورحيله عن السلطة،.
وطال الأمر إلى إحراق مقر حزب المؤتمر الوطني الحاكم بعطبرة .. الذي وصفه بعض المحللين بالمؤشر الخطير على السلطة الفعلية وما سيترتب عليه من تداعايات خطيرة،.. تجر السودان إلى مربع الفوضى والعنف والإقتتال التي تشهده بعض الدول والعواصم العربية.
مما أستدعى الأمر لجهاز الامن والمخابرات السودانية (صلاح قوش) أن دعا فيها المتظاهرين إلى عدم الإنجرار للدعوات التي تأتي من الخارج لاستغلال ضائقة البلاد،. متهماً الموساد الإسرائيلي بأن له يد في ذلك لكنه سيتم حسم تلك التظاهرات التي تسهدف الأمن القومي السوداني.

** ترافقت تلك التهديدات التي صدح بها (قوش )،. دعوات أطلقها( تجّمع المهنيين السودانيين) في بيان إلى تظاهرة الثلاثاء الماضي طالب فيه بتنّحي الرئيس (البشير) تلبية لمطالب المتظاهرين،.. وأقترح البيان إذا ما وافق (البشير) على التنحي ،..فعليه يتم تشكيل حكومة إنتقالية ذات كفاءات،. وبمهام محدّدة ذات صبغة توافقية بين أطياف المجتمع السوداني“.

** في الوقت نفسه حذر حقوقيون وناشطون سودانيون من تصعيد إستخدام العنف تجاه المتظاهرين وترهيبهم بالرصاص الحي ،.أثناء عزيمة الشارع الذي يشهد حراكاً شعبياً وغليان نتيجة قتل عدد من المتظاهرين ..
*********************
**وفي ذات الصدد تباينت الردود والمواقف العربية والإقليمية من صمت إلى موقف الداعم والمشجع وذلك (عقب ابان) زيارة البشير إلى سوريا المفاجئة في 16من هذا الشهر..
وجاء أول تعليق للملكة العربية السعودية تجاه الأزمة بالسودان
أنها أوصت سفارتها في العاصمة السودانية الخرطوم، رعاياها بتجنب الذهاب إلى مناطق الإحتجاجات في السودان والإحتكاك بالمتظاهرين.

لكن هناك تفسير لموقف السعودية سياسياً خاصة بعد زيارة البشير لسوريا الحليفة والصديق المقرب والداعم الأساسي لها في الحرب قبل السلم ،.ربما أغضب الديوان الملكي السعودي ،.حتى أن الجميع لم يلحظ أي مبادرة أو تصريح أو دعم من المملكة العربية السعودية لتهدأة الوضع وإخماد نار الإنتفاضة السودانية،.رغم تحالف السودان مع السعودية في حربها على اليمن بأسم الشرعية وعاصفة الحزم وإعادة الأمل .

**واكتف أمير قطر الشيخ( تميم بن حمد آل ثاني) بإجراء إتصال هاتفي مع الرئيس السوداني (عمر البشير) للإطمأنان على الأوضاع في البلاد مع إتساع رقعة الاحتجاجات. لإسقاط واجب فقط لاغير.

** ورسمياً التزم الصمت الجانب الإماراتي،. واتجها الجانب غير الرسمي
بتغريدة عبر”تويتر“(لضاحي خلفان) الذي أشاد بدور (عمر البشير) بانه قائد عربي ويقف بجوار العرب وقت المحن وطالب من دول الخليج دعمه ودعم السودانيين الذين يساندونه“.

**ومن الجانب اليمني إختلفت المواقف تجاة الاحتجاجات في السودان بين مؤيد للبشير ومنتقده،.
فقد هاجم القيادي البارز في جماعة الحوثي( محمد علي الحوثي) عبر تغريدة في موقعه الرسمي (تويتر) الرئيس السوداني (عمر البشير) وأعلن تأييد الإحتجاجات التي يشهدها السودان..
في المقابل أكد الفريق الركن (علي محسن) نائب رئيس الشرعية
أن الشعب اليمني سيكون الى جوار الشعب السوداني لان الشعب السوداني كان وما يزال إلى جوار الشعب اليمني..وأن عالقات التعاون والإخاء بين البلدين ذات جذور تاريخية قديمة.
************************
كل التداعيات لم تسكت المعارضة ولم تقف مكتوفة الأيدي فقد دعا المعارض (صادق المهدي) زعيم الأمه السوداني بعد عودته في الفترة الأخيرة إلى السودان عقب إعلان البشير العفو عنه، دعا البشير بقبول التغيير والإستماع لمطالب المحتجين.
وفي ظل اتساع رقعة الإحتجاجات ظهر الرئيس السوداني (عمر البشير) في أول ردة فعل له على التظاهرات التي تشهدها البلاد منذ إندلاعها الأسبوع الماضي في قلق وتخبط واضح،..حيث تعهد بحزمة من الإصلاحات الحقيقية لضمان حياة كريمة “وقد أثار الخطاب حفيظة وسخرية البعض من المعارضين والناشطين ودفعهم إلى التساؤل هل سيحتاج البشير شوطٍ إضافي لثلاثة عقود أخرى في الحكم ليبدأ الإصلاحات ..

** المتابعون عن كثب لمجريات الأحداث في السودان رؤوا أن الردود التي تلقاها البشير وحكومته (حكومة الانقاذ) إزاء خطابه الأول لم تأت ثمارها، ولم تعمل على تهدئة الحراك الشعبي، الذي تشهده بعض مدن البلاد لعدم توافر ثقة الشارع بوعود خطابات الرئيس طيلة حكمة،. ممادفع الأخير إلى الظهور،. مرة آخرى وبخطاب ناري شكك في مشروعية الإحتجاجات،. ومهاجماً من أسماهم العملاء والمخربين الذين يعملون على تعطيل البناء والتنمية في البلاد . وان الازمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد ماهي الا نتيجة لحصار الغرب والذي يهدف الى تركيع البلاد.

** وهناك من يرى بعين المعارضة للرئيس (البشير ) أن ذهابه ( البشير) إلى إقناع العالم بأنها مؤامرة ،.. هي بمثابة ،. ذر الرماد على العيون ،.حتى لايعرف العالم فشله وفشل حكومته في توفير أبسط الاحتجاجات من خبز ووقود للمواطن .

**وتعالت أصوات المعارضة والإنتقادات أكثر للرئيس (عمرالبشير) خاصة عندما أطلق على المتظاهرين بالعمالة والإرتزاق،. كانت نتاجها أن رد عليه البعض ونقصد هنا (بالبشير) بأن الإرتزاق والعمالة هو إرسال ابناء السودان إلى اليمن ليقتلوا،. لنيل الرضا من أمراء وملوك الخليج والذين لم يعيروا السودان أي إهتمام ،خلال مسيرة البشير التنموية ..

** وهناك من فسر خطاب(البشير) عندما خاطب المحتجين والعالم أن سبب الإنتفاضة وتردي الأوضاع نتاج لحصار الغرب وتركيع السودان ، بأنه خطاب في الوقت الضائع وأن (البشير) خلال فترة حكمه قد عزل السودان عن التنمية وفرض عزلة البلاد عن المنطقة والعالم
وعجز عن إستغلال مقدراتها وثرواتها وإستثمار القوى البشرية ولم يعط شعبه أولوية قصوى..

**بينما البعض الآخر.. وصف فترة حكم البشيربتاريخ أسود أرتبط بالسودان منذ توليته الحكم حيث فرضت سياساته عزلة عالمية جعلت من الوطن ينزوي في ركن واحد، ويفقد علاقاته الدولية، والأقليمية ،ويفارق المسار القومي داخليا،..وأن إستأثاره بالسلطة والخطاب السياسي أدخلت حرية التعبير في قمع وزمن الصمت..

** وبعض المنتقدين لسياسة البشير أرتؤوا أن خلال فترة نظامه،. عمدت لبيع ثروات السوداني من أراضي ومعادن بأبخس الأثمان..لا لشيئ،. سوى ضمان بقائه في السلطة واستمرارإستبداده وتجبره على المواطنين، وكذلك أمعن في إذلال الشعب بالضرائب و مصادرة حقوقه الأساسية باسم الدين مرة وباسم الوطنية والسيادة مرات عديدة.
********
وحقيقة القول الشعب السوداني كغيره من الشعوب العربية كلّ وملّ من الجوع والفقر والإرتهان للخارج،. ويطالب حكوماته بالاصلاح منذ زمن حتى جاءت ما أسموها الثورات العربية التي توعدت به (كوندريا رايس؟ المسؤلية الامريكية السابقة في حينها أن البلاد العربية قادمة على فوضى خلاقة ،.حتى أصبحت الشعوب تنتظر فقط الخلاص من هذا القيد المُذل التي مارسه حكامها..
لكن يبقى صوت العقل هو المسيطر والمتحكم،. إن احتكمت السلطة والمعارضة السودانية وينظرون الى الوطن بأنه فوق الجميع،. أو السودان سيركب موكب العناء والشقاء الذي ركبه سابقيه ( اليمن – ليبيا- سوريا- العراق)

** يبقى السؤال هنا ..ماهي الاصلاحات التي تستلزم على البشير اتخاذها في تصاعد وترة الاحتجاجات وقتل للمتظاهرين ؟.
وماذا كان يعمل طوال فترة حكمه السابقة؟
وهل سيرضخ لمطالب المتظاهرين من أبناء شعبه؟أم سيلحق ما تبقى من الخريف العربي لسابقيه؟
في المقابل. هل سيرى المتظاهر السوداني ماجرى وماحصد سالفيه من ثمار ربيع عبرياً بامتياز؟

*سنترك الأيام القادمة هي من ترد على تلك التساؤلات،..وحفظ الله السودان وشعبه من كل رياح التغيير التي ستعصف به إلى جحيم المجاعة والتشريد والمرض والإتكال على ما سيأتي (من الأمم المتحدة) بانية الخيام لا الأوطان والسلام..

تونس حمود الاكوع-
اليمن – صنعاء

Comments

هنا تستطيع ان تترك تعليقا عبر حسابك في الفيسبوك دون إدخال الاميل او البيانات الخاصة بك

عن المحرر المحرر

شاهد أيضاً

وزير دفاع حكومة صنعاء في زيارته الميدانية يخذر من العواقب إذا استمرت دول العدوان في جرائمها.

جريدة السلام – متابعات خاصة . قام وزير الدفاع في حكومة الانقاذ الوطني بصنعاء اللواء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.