حرب الحديدة بين التحالف والحوثي، والضغوطات الدولية تتربع على عرش المفاوضات للإبتزاز..بينما صعدة الأكثر ألماً دون التفات،.ومفاوضات السويد يجني ثمار مشاوراتها، الحوثي قبل بدايتها،.ويغلفها عدة مشاهد.

بقلم / عبدالرزاق الباشا

بين المشاورات،والمفاوضات،والمباحثات العقيمة،التي ترعاها الأمم المتحدة منذ أكثر من ثلاث سنوات..نقولها بكل صراحة ومن الآخير ..في هذة اللحظات..تشهد صعدة قصفاً متواصلاً من قبل طيران ومدفعية التحالف العربي، على مدار الساعة منذ إندلاع عاصفة الحزم على اليمن حتى الآن.. أكسبها آلماً وقهراً وتشريداً وتهجيراً قسراً.
بينما الهالة الإعلامية لفتت الأنظار إلى الحديدة،حتى لا يلتفت العالم إلى معاناة صعدة وأهلها،.بين قتيل وجريح،وتشريد، ومعاناة لاحدود لها.

** ومنذ إنطلاقة المقاومة المشتركة ( ألوية العمالقة – حراس الجمهورية – المقاومة التهامية) بقيادة العميد(طارق عفاش) وبدعم من التحالف العربي تحت ظلال الامارات المتحدة تجاة محافظة الحديدة، قبل ستة أشهر تقريباً،وصولاً إلى أبوابها من كل إتجاه ما.عدا باب واحد ( باب الشام) الذي ظل مفتوحاً أمام النزوح والإغاثة الإنسانية لهذة المدينة.
تعيش الحديدة على صفيح ساخن من النار والحصار من كل اتجاة.
حتى أصبح مينائها على مرمى نيران قوات المقاومة الوطنية المشتركة..

فسارع المبعوث إلى اليمن السيد(مارتن غرفيث ) مهرولاً إليها مع الفريق الأممي للإغاثة الدولية- ليعلن إيقاف الحرب وعقد مشاورات في مملكة السويد،.. ومارس(مارتن )ضغوطاته الدولية بكل إحتراف ومهنية عالية من خلال دقه لناقوس الخطر والدفع بملف الوضع الإنساني في الحديدة واليمن بشكل عام.

ليعلن وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة الطارئة السيد (مارك لوكوك)،ويحذر من كارثة كبرى لليمنيين ، وطالب بأنتهاء الحرب،.. واليمنيون يستحقون مستقبلاً أكثر إشراقا”.

رافق ذلك الإعلان (لمارك لوكوك ) إبتزاز دولي من خلال طرح بريطاني لمسودة مشروع لوقف إطلاق النار في اليمن ،بائت بالفشل- بإعتراف بريطاني- مارسته الولايات المتحدة الأمريكية وبضغط من السعودية والإمارات العربية المتحدة- وسجلت الكويت موقفاً من هذة المسودة
لترفض مشروع بريطانيا في مجلس الأمن كان يطلب إيقاف تحرير الحديدة.

وتمكنت تلك الدول السالفة ذكرها،من عرقلة مشروع ذلك القرار البريطاني. بحجة أن تلك المسودة ستعيق محادثات السويد.
لكن من المرجح أن يطرح مشروع القرار الجديد من قبل بريطانيا بعد إنتهاء محادثات السلام اليمنية إذا فشلت تلك المحادثات.

* لم يقف المجلس السياسي الأعلى للحوثيين، موقف المتفرج من تلك التصرفات الصادرة من دول المعارضة من مسودة بريطانيا،..فأدان تعنت امريكا، ودعوتها لتعليق مشروع مسودة بريطانيا،.وأكد المجلس السياسي أن الدولة التي أٌعلن منها الحرب على اليمن لن تكون جزءاً من الحل أو وقف الحرب.
**********************

** حدد مبعوث الأمم المتحدة يوم الخميس الموافق 6/12/2018 ليجتمع فرقاء اليمن في قصر «يوهانسبرغ» الملكي في ضاحية ريبمو السويدية، (50 كيلومتراً شمال العاصمة ستوكهولم).
وجلس وفدي الحكومة اليمنية الشرعية ووفد سلطة الأمر الواقع ( الحوثيون) لأول مرة، وجهاً لوجه، منذ مشاورات الكويت التي لم يكتب لها النجاح.

من ثم تم تشكيل أربع لجان تفاوضية للوفدين .
– (لجنة المطار) لتناقش، قضية مطار صنعاء الدولي، التي لاقت إختلاف متباين بين طرفي التفاوض،.
فطرف الشرعية رحب بفتح مطار صنعاء فوراً،. لكن بعد تفتيش رحلاته في مطار سيؤن أو مطار عدن- الخاضع تحت سلطتهم . بينما وفد أنصار الله رحب بإشتراط ،على أن يكون رحلات مطار صنعاء مستلقة ولا تخضع لأي تفتيش .

– (لجنة خفض التصعيد) التي ركزت، على قضية مدينة الحديدة، والعمل على خفض التوتر وفك الحصار عن مدينة تعز،..فكان طلب الشرعية تلسيم ميناء الحديدة والمدينة للشرعية تحت إشراف الأمم المتحدة.
أما طرف سلطة الأمر الواقع (صنعاء) فقد وافق على تسليم ميناء الحديدة للأمم المتحدة مع الإبقاء في المدينة.

-(لجنة الاقتصاد) تناولت قضايا الرواتب والمخصصات والمصرف المركزي،.التي شهدت هي الأخرى إختلافاً أيضاً،.فالشرعية طالبت أن يكون البنك المركز الرئيسي في عدن ويبقى البنك المركزي في صنعاء كغيره من البنوك تابعاً لمركزية عدن ،.الذي رفض ذلك المقترح وفد الحوثي مطالباً عودة مركزية البنك في صنعاء وتوريد عائدات الدولة إليه. ليتم صرف مرتبات موظفي الدولة،.

-!لجنة الاسرى ) هي الأكثر حضوراً في مشاورات السويد والتي من المفترض أن تستكمل، تنفيذ الإتفاق الذي تم التوصل إليه بين الحكومة الشرعية وسلطة الأمر الواقع بصنعاء، قبل بدء مشاورات ستوكهولم، بحيث يتم وضع آليات لتبادل الأسرى والمخطوفين ولم شمل العائلات.

** وهكذا مازالت المفاوضات في قصر (ستوكهولم) – قائمة لاتبشر بخير ولا تشهد تقارب بين المتحاربين اليمنيين .
وقد رسم المتابعين لتلك المفاوضات أو المشاورات العديد من المشاهد والتحليلات كل بمنظار عينه..

*المشهد الاول من منظور أنصار الله : يرى أن مشاورات (السويد مثل جنيف) و (غريفت مثل ولد الشييخ ) وأن حضور الحوثيين إلى السويد مجرد تقديم تنازلات جديدة لاثبات حسن النية !
مؤملين من غريفيث أو من بريطانيا تقديم مشروع بيان- في مجلس الأمن ،..ويرى موقف أنصار الله بالمهزوم،. ولا هدف لهم في هذة المشورات سوا وقف العدوان،.وهذا طلب من أعدائهم لن يتنفذ، إلا بعد أن يستجيبوا
لكل شروطه المطروحة في كل مفاوضات،.ولا وسيلة آخرى لإيقاف الحرب سوى هذان الخياران،. أي أن تستجيبوا لشروطه أو تجبروهم على أن يستجيبوا لشروطكم ،.ولهذا فكيف تتفاوضون مع من أتوا لاستئصالكم لا للتفاوض معكم.

* المشهد الثاني من المنظور المقابل: يرى أن الحوثيين أخذوا كل ما يريدون من مفاوضات السويد قبل بدأها
– فقد أستطاعوا إيقاف الزحف تجاه ميناء الحديدة وتحريره الذي أصبح على مرمى نيران المقاومة الوطنية.
-حضور غريفيث والسفير الكويتي بذاتهم لمرافقة وفد الحوثيين من صنعاء إلى السويد- على متن طائرة أممية، بينما ما يسمون أنفسهم الشرعية، ظلوا يتنقلون من ترانزيت إلى آخر عبر مطارات العالم .
– إستطاع الحوثيون نقل جرحاهم وأضعافهم بصفة مرافقين إلى الخارج.
– الضغط على المجتمع الدولي باسم الكارثة الإنسانية والمجاعة،. ليعلن العالم،(الحديدة في خطر) ،والهدنة الضرورية من كلا الطرفين. وبهذا أُعطي الحوثيون فرصةً لتحشيد مقاتليهم والتخندق والتمترس وإستحداث جبهات جديدة في الميدان تقاتلت بكل شراسة.
– غياب إعلام الشرعية تماماً من المفاوضات حتى صارت كل وسائل إعلام العالم تنقل الحدث عبر قنوات الحوثيين الحاضرة قصر (ستوكهولم)
– وصول كم هائل من المساعدات الإنسانية والإغاثية لطرف الحوثي مع العديد من شحنات المواد البترولية.
– تحميل الشرعية مسؤلية مرتبات موظفي الدولة التي بادرت بصرف
رواتب المتقاعدين ،.والإلتزام بصرف مرتبات بقية موظفي الدولة في الأيام القادمة.

* المشهد الثالث: هناك من يرى أن الحرب في اليمن هي على الحدود وخاصة على أطراف صعدة، ومدار الساعة متمثلاً بقصف طيران وضرب مدفعي وزحف مشاة لمحاولة إستقطاعها من اليمن لتكون منطقة منزوعة السلاح ،.وذلك من خلال تكثيف الجبهات عليها من كل إتجاة وتغييب الجانب الإعلامي والتركيز على جبهة الساحل الغربي حتى لا يلتفت العالم إلى معاناة صعدة وأهلها.

*المشهد الرابع : يحمّل معاناة الشعب اليمني بأكمله الرئيس هادي وسلطته ومجموعته السياسية المحيطة به التي لا يمكنها أن تكون جزءًا من أي حل تاريخي قابل للحياة. نظراً لما تشهد هذة السلطة الشرعية من فساد مقنن وغير مقنن،. مع عدم قدرتها لاتخاذ قرار مستقلاً بذاتها وعدم قدرتها حتى على إيجاد بقعة أرض يمنية لتستقر فيها وتتخذ قراراتها الحازمة والحاسمة،.فمأرب تحت سلطة حزب الإصلاح ( إخوان اليمن ) وعدن تحت سلطة (الحراك الجنوبي ) ولهذا وصفها الكثير بالشرعية المهاجرة ملسوبة الإرادة والقرار.

* المشهد الخامس : يرى أن الحوثيين أرتكبوا أكبر حماقة و جريمة في حقهم عندما قتلوا غطائهم السياسي الرئيس السابق (علي عبدالله صالح) الذي قدم مبادرة سياسية كان أهم طلب فيها إيقاف الحرب على اليمن فوراً،.وتسليم كافة مواني الجمهورية اليمنية لسلطة محايدة وكان يقصد هنا ( السلطة المحلية) تحت إشراف أممي مقابل تسليم مرتبات موظفي الدولة والخوض في المفاوضات وكان لهذة المبادرة شبه موافقة يمنية وترحيب دولي برعاية روسية،.
لكن أتهمه حليفه بالخيانة الوطنية وقام بقتله وتبخرت تلك المبادرة
وهو الآن يقدم ميناء الحديدة للأمم المتحدة . للإشراف لكن الطرف المقابل يرفض ذلك وبكل قوة.

* المشاهد السادس : هذا المشهد يراه المتابع بكل ذكاء وحنكة ودهاء سياسي يتمتع به وفد أنصار الله في السويد من خلال من تناقلته وسائل الإعلام أن وفد الحوثي يطالب أن يكون التوقيع على أي إتفاق مع الطرف السعودي والإماراتي دون غيرهم،. وهذة بمثابة رسالة قوية ليثبت للعالم أن هناك عدوان على اليمن من دول التحالف تقودها السعودية-ولا توجد شرعية ولو وجدت شرعية- لماذا لم تمارس مهامها من أرض الوطن وصرفت مرتبات موظفي الدولة، وعودة هادي ووزراءه ووكلائهم من فنادق الرياض ومقاهي القاهرة ليمارسوا مهامهم بكل جدية ومسؤلية من أرض الوطن لكن واقع الحال يقول عكس ذلك .

* المشهد قبل الآخير للخارج :
الحرب باليمن ليست كارثة ماساوية ،إنما هى جريمة بل سلسلة جرائم يرتكبها طرفا النزاع بحق الشعب اليمنى ، من بينهم الأطفال
هكذا وصفها David Miliband وزير الخارجية البريطاني السابق ورئيس منظمة international Rescue Committee

* المشهد الآخير: ربما أكثر ألماً وأكثر تشاؤماً من أي مشهد قادم ،بأن الحرب في وعلى اليمن ستحط رحالها يوماً ما،.ولكن هل سيقتنع كل يمني بالعيش بيمنيته قبل إنتماءاته!
لأنه ومن خلال تلك الفترة السابقة من الحرب التي مازالت قائمة، أستطاع كل طرف من أطراف الصراع أن يصنف أصحابه ومؤيديه، ويميزه عن الطرف الآخر،.ونجح ذلك التمييز بكل جدارة من (حوثيين وعفاشيين وإصلاحيين، وسلفيين، وحراكيين )الذي صب في نهاية المطاف، في صالح التقسيمات الطائفية والمناطقية والمذهبية والدينية في اليمن.

** وختاماً نقول كلنا يتمنى الحل السلمي وإنهاء الحرب ولكن حقيقة الجدية في السلام وإيقاف الحرب مؤشراتها تكاد تكون منعدمة لدى الجميع.
وإذا فشلت وربما فاشلة ستكون الحديدة على موعد مع حرب طاحنة ومعركة فاصلة يدفع ثمنها اليمن ومن تسبب في حربه .

والله من وراء القصد
الكاتب والاعلامي
عبدالرزاق الباشا
اليمن – الساحل الغربي

Comments

هنا تستطيع ان تترك تعليقا عبر حسابك في الفيسبوك دون إدخال الاميل او البيانات الخاصة بك

عن المحرر المحرر

شاهد أيضاً

وزير دفاع حكومة صنعاء في زيارته الميدانية يخذر من العواقب إذا استمرت دول العدوان في جرائمها.

جريدة السلام – متابعات خاصة . قام وزير الدفاع في حكومة الانقاذ الوطني بصنعاء اللواء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.