سفر الدناكل كل يوم باكر …… خاطرة للشاعرة الراحلة شريفة العلوي

اول مقال لنشر للشاعرة الراحلة شريفة العلوي في اول عدد لجريدة السلام التي كانت تصدر رقيا ….

أخبرني عصفور ذو شجون …كان له باعا في اعتكاف الصمت.. وكان له عهدا برفقة قلب يقبع في ضلوع الرت ..بأن الذي خلق الورى وجمع الأضداد ووفق بين الزجر والرضا جعل الصبر نبوءة اليقين إزاء كل حريق يحصد رماد السخت .. قادر على ان لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم …هكذا تقول الصورة التي عليها الشعب العفري إذا لم يسعف كيانه بإنقاذ ما يمكن إنقاذه ..اذن نحن فقط قادرين على أن نزين لحظات الاحتضار ….هل نحن نتأهب للاحتضار.. ؟
حين مررت على طريق صنعها المسار وأي مسار ذاك الذي يربط رؤيتنا المرتدة على جدار من الفراغ وخطوط مبتورة التخوم , كانت النظرة المتسللة من الكف عن العمل والمتجردة الا اللهم من الإنصات وقعت متهاوية خائرة , متعبة عندما أرتد الصوت عائدا أن لا أحد هناك ..لا أحد …. وصفق الخواء أبوابه في وجهي وكان اليقين اصدق من الأخبار …
لكن ضوء الجرح الذي أنسكب ذهبا و لوجينا في طقوس الانصهار كانت قروحه الطافية فوق أسطح اليم الحزين ترسغ خيالي المتوكئ على كتف الاجترار …
تصطف أحلام البراعم على سواحل البحر الأحمر ,,و قبل أن تبلل خطواتها بالزبد المجرد من كل شيء سوى الأجاج ,, تأتي معاول الإحباطات , فتحصد سنابل الحلم وتعود الطيور المهاجرة لاقتراف التنائي.. ليصبح الوطن المنهك يجر أذيال العتمة في كل اشراقةٍ تنقشع عن الوعود اليتيمة التي لا تنطلي على أحد سوى البائس الميئوس الذي لا يفرق معه محال الصدق عن حقيقة الكذب ذاك الذي يتناول رغيف الوهم …ومازالت أحداق العفر تنظر خلف العصبة ( العصبة الحمراء على جباه الفتية في مهرجانات زمن السلاطين الآفلة )في محاولة يائسة بتقشير الغسق عن الاحمرار والكبت في الاستمرار…
و مازال لحن التاريخ يئن بين الصفحات.. مغمض العينين و مصافحا للبهت والظلال بأيادي مصنوعة من الفخار ..
لقد تهاوت جذوعه وتكوم جريده أغتسل الجفاف في جذوره لكنه بقي حاملا هموم الأجيال الحاضرة واللاحقة لأن قطار الزمن مضى بالسابقين …..أيها العقل الذاهب مع الريح أما حان أوان عودة الشمس التي كانت تشغل في زمن ما مقعدها الوثير على شرفة الصدارة في بلادي,لكي يكتب الضوء بسملةً تتوضأ بالانتصار ؟…
(قيل سفر الدناكل* كل يوم باكر ) كالشمس يتسلل هذا الأمل خلف شهيق الغروب يحتفل بالغياب عندما يأتيه النداء من خلف ستارات القمر السابح في بحيرة تضفر جدائل وجع النهار ولأنه لا يوجد شيء إلا وجد له ندا يساعده على الحضور في غياب نده ألا علم الذي انسل من غمد عطره بأن العبق ينتثر حتى يتلاشى سريعا عن الأنظار ..
كنت اصدق كل تكوين يتحجم أمام عيوني و أتوجس خيفة في ما خفي وتوارى عن الحدق لكني ألان أومن بظلي أكثر من اشراقة شمس قد تترك يدي فجأة كما يتدحرج جحر منبوذ من هدب الجبل ولظلي ذكريات كذكريات المحاربون القدامى الذين ينبثق من هوامش دفاترهم لحن الهزيمة المصلوبة على جدار الانتظار …
ومازال الظل يشكل تكوينا صخريا وتشكيلا صحراويا لم يخطر على ذهن لورنس العرب و حتى مخترعي فوتوغرافيا منذ عهد حضانة ربط الصورة بالصوت…. ودمج الوهم بالحقيقة إلا إني أعاني من وجع الأزمان قبل أن تمسد أمي غرتي وقبل أن تستغني عن دميتها البدائية بطفلة حقيقية … و منذ أن كان أبي يلعب مع أقرانه وفي قبضتيه الطفولة تحمل مستقبلا لاحقا لا يهاب مواجهة زمنا سيمزقه الخلط بين تراجع آلة بخارية وبين الاعتماد على الطاقة الذرية ووهم الابتكار …..
لأننا فقط يكفينا أن نشم رائحته على بعد مسافات الاستهلاك بينما نساكن العراء , ونجاور عرض البحر الذي يمرر السفن الدولية خلسة وعلى مرأي من جوع الأشهاد …حيث إننا مشغولون بخلاف بعضنا البعض وهذا لوحده اختراع لم يصل له كل المخربون في العالم للتغلب على الأعداء وكم ضحك أعداؤنا عندما وجدوا نصرهم دون ان يستهلك في حربنا رصاصة و لم تكلفهم حربنا أية لوجستية ولا تخطيط ..مازلت أجهل كثيرا مما صنعته يد الأحبار ..ولكني متيقنة مما صنعته أيادي عشاق التخلف في بلادي للتراجع و الانحدار ……..

*توضيح : دنكلي ..قبيلة من العفر , كانوا يطلقون بعض الأقوام المجاورة لنا على كل العفر ودنكلي بطن من بطون أحد قبائل العفر وليست كل العفر القاطنة من جزر دهلك من ارتريا غربا الى جيبوتي شرقا على ساحل البحر الاحمر …

بقلم / الكاتبة والشاعرة الراحلة  شريفة العلوي

Comments

هنا تستطيع ان تترك تعليقا عبر حسابك في الفيسبوك دون إدخال الاميل او البيانات الخاصة بك

عن Shefa Alafari

شاهد أيضاً

تفوقت إثيوبيا على تنزانيا وأوغندا كوجهة استثمارية رئيسية لكينيا في الخارج.. سفاريكوم إثيوبيا تعين السفير الإثيوبي السابق في فرنسا مدير للشون الخارحية

  عينت سفاريكوم إثيوبيا السفير الإثيوبي السابق في فرنسا ، إينوك تفران ، مسؤولاً للشؤون …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.