أبرز محطات السياسة الخارجية الإثيوبية تحت قيادة أبي احمد

في ظل زعامة أبي أحمد، إثيوبيا تحاول إعادة صنع و تشكيل نفسها كشريك إستراتيجي للمنطقة وللعالم ( ابرز ملامح ومحطات السياسة الخارجية الاثيوبية في ظل حكومة أبي أحمد.

منذ أن تولى أبي أحمد منصبه كرئيس للوزراء في إثيوبيا قبل عام ، إندهش المراقبون المحليون والأجانب بشدة بإصلاحاته السياسية ومعجبون بجهوده القوية في ترميم وتقوية علاقات إثيوبيا مع دول الإقليم والعالم على حد سواء متبعا سياسة تصفير اامشاكل مع الجميع ، يأتي ذلك في إطار ما أكده رئيس الوزراء أبي أحمد، خلال خطاب تنصيبه في الثاني من أبريل 2018، بأن سياسته الخارجية ستكون منفتحة على الجميع، وستركز على المصالح المتبادلة، وإصلاح العلاقات المتوترة مع دول المنطقة، وإعادة رسم شكل العلاقات مع دول الإقليم والعالم من أجل تعزيز التعاون الإقليمي والدولي، ووعد بتغيير السياسة الخارجية لإثيوبيا وتوسيع نفوذها، وذكر التاريخ المعقد للمنطقة في خطابه قائلا “إن القرن الأفريقي يعاني من الكثير من الأزمات ، حيث تتصارع العديد من القوى ذات المصالح والأهداف المختلفة وحيث توجد العديد من التشابكات المعقدة”، كما تحدث عن التزام إثيوبيا بالوحدة الإفريقية و دورها البارز في القضايا الإقليمية والقارية والعالمية، وتعهد بتعزيز هذا الموقف والوقوف مع إخوانه الأفارقة بشكل عام ومع جيرانه بشكل خاص وذلك في أوقات المشقة و في أوقات السعادة حسب تعبيره.

وأبهر اتفاق السلام الذي توصل إليه أبي أحمد وأنجزه بكل شجاعة، العالم بأسره متجاوزا آلام الماضي والضغائن التي خلفتها الحرب مع إريتريا ، و قلب بذلك المعادلة الإقليمية التقليدية في شرق أفريقيا، من خلال رؤية تقوم على محاولة تحقيق التكامل الاقتصادي مع دول المنطقة كمدخل لزيادة معدلات النمو الاقتصادي للمنطقة ويركز على الجانب الإقتصادي بهدف الوصول إلى شراكة إستراتيجية متينة وقوية في الجانب الاقتصادي للوصول في النهاية إلى الإندماج الإقتصادي الكامل متجاوزا التكامل لدول القرن الأفريقي من خلال المقومات السياسية والاقتصادية والديموجرافية التي تتمتع بها اثيوبيا.

أدوات إثيوبيا في عهد أبي أحمد لتحقيق التكامل في المنطقة مع دول الجوار.

إثيوبيا في سياساتها مع دول الجوار و من أجل تبادل المصالح وتحقيق التكامل، تتبع سياسة خلق شراكات استراتيجية متينة، من خلال التوسع في الشراكات الاقتصادية، وتطوير البنى التحتية والربط مع دول الجوار المشاطئة للبحر الأحمر من خلال شبكة الطرق البرية وخطوط السكك الحديدية، ففي فبراير 2018، انطلق أول خط سكك حديدية يعمل بالكهرباء في القارة يربط بين العاصمة الإثيوبية أديس أبابا وميناء جيبوتي بطول 750 كيلومتر، وبتكلفة بلغت نحو 3.4 مليارات دولار بتمويل صيني، كما تسعى إثيوبيا إلى تعزيز دبلوماسية الموانئ في المنطقة، من خلال الحصول على حصص في الموانئ الحيوية، على نحو نجاحها في الحصول على حصص في مينائي جيبوتي، وبورت سودان خلال زيارتين قام بهما أبي أحمد إلى الدولتين في شهر مايو 2018، بالإضافة إلى الاتفاق الثلاثي في مارس 2018 بين حكومة أرض الصومال وإثيوبيا وشركة موانئ دبي العالمية، حصلت بموجبه إثيوبيا على حصة في ميناء بربرة بنسبة 19%، قبل أن يتعثر الاتفاق بعد تدخل الحكومة المركزية بالصومال، يأتي ذلك بالتزامن مع إعلان الحكومة الإثيوبية مؤخرًا عن بدء تدشين القوات البحرية الإثيوبية للنفاذ إلى المياه الدولية ، و تتطلع إثيوبيا بحلول عام 2020 إلى تدشين شبكة سكك حديدية بطول 5000 كيلومتر تربط بينها وبين كل من كينيا والسودان وجنوب السودان، في إطار استراتيجيتها الداعمة للتكامل الاقتصادي الإقليمي من خلال تعزيز دورها الإقليمي في المنطقة عبر ترميم العلاقات وتقويتها مع دول الجوار، تلك العلاقات التي مرت بمراحل مختلفة وتخللتها العديد من الأزمات، وسأقف على أهم ملامح تلك العلاقات الخارجية الجديدة مع دول الجوار والدول الإقليمية والعالم، للوقوف على توجهات أبي أحمد وجهوده في بناء تلك العلاقات.

علاقة وسياسة اثيوبيا الخارجية مع أريتريا

على صعيد العلاقة مع إريتريا، فقد كشف آبي أحمد عن رغبته في إنهاء الخلاف مع إريتريا، في أول خطاب له أمام البرلمان في الثاني من أبريل 2018، عقب توليه المنصب ، وقال آنذاك إنه مستعد للجلوس مع الحكومة الإريترية لإنهاء الخلاف عبر الحوار، فيما دعاها في الوقت ذاته إلى مبادلته نفس الرغبة، لم يمض وقت على إعلان أبي أحمد رغبته في فتح صفحة جديدة مع إريتريا، حتى تمخضت اجتماعات اللجنة التنفيذية للائتلاف الحاكم بإثيوبيا عن إعلان رسمي في هذا الاتجاه، وأعلن الائتلاف الحاكم في 6 يونيو 2018 موافقته على التنفيذ الكامل لاتفاقية الجزائر، فضلًا عن قرارات لجنة ترسيم الحدود مع إريتريا، وبعد أسبوع من الإعلان، دافع رئيس الوزراء الإثيوبي عن قرارات اللجنة التنفيذية لتطبيع العلاقات مع إريتريا، معتبرًا أن هذا القرار ليس بالجديد، وقال أمام البرلمان: ” إن قرار الائتلاف حول تطبيع العلاقات مع إريتريا يعود لعهد رئيس الوزراء الإثيوبي الراحل، ميلس زيناوي، وبعدها بفترة وجيزة تمت المصالحة وتم التوقيع عليها في السعودية، وتبادل الزعيمان الزيارات قبلها، وبهذا تم طي صفحة عقدين من الصراع الدامي بينهما، وتتسم العلاقات الآن بينهما بالوئام والدفئ وترتكز على العلاقات االتاريخية في المقام الأول والمصالح الحيوية والإستراتيجية في المقام الثاني ويسعى البلدان إلى تطويرها وفتح آفاق واسعة للعلاقات وتطويرها لتصب في مصلحة الشعبين الشقيقين الذين يتشاطران تاريخا مشتركا لقرون مضت كما يتشاركان مصير واحدا، بحكم تلك العلاقة الوطيدة تاريخيا.

سياسة اثيوبيا الخارجية إتجاه جيبوتي

تعد دولة جيبوتي شريكًا استراتيجيًا بالنسبة لإثيوبيا، وتعتمد إثيوبيا بشكل أساسي على ميناء جيبوتي لتجارتها الخارجية، ولهذا كانت مقصد ابي احمد الاول في زيارته الخارجية بعد تولي مهامه وذلك من أجل تعزيز الشراكة بين البلدين على المستويين السياسي والاقتصادي، وهي الزيارة التي نجح فيها أبي أحمد في حصول إثيوبيا على حصة في ميناء جيبوتي، والمساهمة في تطويره مقابل استحواذ الجانب الجيبوتي على حصص في شركات إثيوبية مملوكة للدولة، من أبرزها شركة الكهرباء الإثيوبية، وشركة إثيو تيليكوم، وهو ما يمهد لاستمرار فتح ذلك المنفذ الاستراتيجي المهم لإثيوبيا الحبيسة، كما يعزز الشراكة بين البلدين عبر البوابة الاقتصادية، في إطار استراتيجية إثيوبيا لبناء شراكات إقليمية في القرن الأفريقي تعزز من دورها الإقليمي وتحمي مصالحها الاستراتيجية في المنطقة.

العلاقة مع السودان

فيما يتعلق بالعلاقة مع السودان سعى أبي أحمد إلى بناء علاقات استراتيجية مع الجانب السوداني، مستغلا حالة التقارب التي كانت عليها علاقات البلدين قبل مجيئه وقد عكست زيارة أبي أحمد للسودان، في ثاني زياراته الخارجية، الأهمية الاستراتيجية التي توليها إثيوبيا للسودان، فمن الناحية الاقتصادية، تعد السودان أحد المنافذ المهمة للتجارة الإثيوبية عبر ميناء بورت سودان، الذي نجحت إثيوبيا في الحصول على حصة فيه، ومن هنا، تظهر الرغبة الإثيوبية في الحفاظ على علاقات متميزة مع السودان، من أجل بناء شراكات، تحقق لإثيوبيا مصالحها الاستراتيجية والسودان مصالحها الاقتصادية.

سياسة أبي أحمد الخارجية إتجاه الصومال

على صعيد العلاقة مع الصومال، سعت حكومة أبي أحمد إلى تحقيق عدد من الأهداف سياسيا و اقتصاديًا، فسياسيا أظهر حرصه أن تعود الصومال موحدة وقوية، خلافا لسياسة إثيوبيا خلال العقود الثلاثة الماضية التي سعت فيه الأنظمة إلى إفشال الحكومات الصومالية المتعاقبة، خوفًا من صعود دور إقليمي صومالي منافس لها في المنطقة، وخوفًا من وصول تيار الإسلام السياسي للسلطة ما تعتبره إثيوبيا تهديدًا لأمنها القومي، وهذا التوجه ينبع من إيمان أبي القوي بضرورة أن تكون جميع الدول في المنطقة مستقرة وقوية من أجل مصالحها المشتركة الكثيرة و التي لن تتحقق من دون امن واستقرار جميع الدول في المنطقة، وفي الجانب الاقتصادي و مع تنامي الشراكة الاقتصادية بين البلدين وخاصة في مجال الموانئ والتجارة البينية لخدمة المصالح الاقتصادية و الاستراتيجية لكلا الدولتين وهنا تبرز الاهمية الاستراتيجية لهذا التوجه الذي يتبناه رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، و لقد زار ابي احمد.بشكل مفاجئ العاصمة الصومالية مقديشو، ليصبح أول رئيس وزراء إثيوبي يزور مقديشو

Comments

هنا تستطيع ان تترك تعليقا عبر حسابك في الفيسبوك دون إدخال الاميل او البيانات الخاصة بك

عن عبدالمعين عبدالسلام محمد

الاسم: عبدالمعين عبدالسلام محمد ناشط إثيوبي حر في مجال الصحافة المؤهل: ▪الثانوية العامة من المعهد العلمي الإسلامي في دولة الإمارات ▪شهادة باكلريوس في الاتصال الجماهيري قسم الصحافة من جامعة الإمارات ▪شهاداة في تحرير الأخبار من هيئة و إذاعة الإمارات وتليفزيون ابوظبي ▪حاصل على عدة شهادات من خلال المشاركة في عدة دورات

شاهد أيضاً

اليونيسكو تمنح رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد جائزة السلام

منحت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “يونسكو”، جائزة السلام لرئيس الوزراء الإثيوبي الدكتور أبي …