*بقلم الدكتور / عبدالملك محمد عيسى
أثار السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله في خطابه يوم الخميس 1 أغسطس 2024 قضية التصريحات الأمريكية المتناقضة في سياق التوترات المتصاعدة في المنطقة الإسلامية واحتلال فلسطين والعدوان على قطاع غزة، حيث تبرز تصريحات العدو الأمريكي بأنها لا تريد توسيع الحرب في المنطقة بين جيش العدو الإسرائيلي ومحور المقاومة الذي يضم حزب الله اللبناني، والجيش اليمني، والحشد الشعبي العراقي، والجمهورية الإسلامية في ايران،
تتزامن هذه التصريحات مع استمرار العدو الإسرائيلي في تنفيذ عمليات عسكرية واغتيالات تستهدف قادة وشخصيات بارزة في محور المقاومة.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: كيف يمكن تفسير هذا التناقض الفاضح بين التصريحات الأمريكية والأفعال الإسرائيلية؟
وهل يمكن اعتبار هذه التصريحات وسيلة أمريكية لترك إسرائيل تعمل دون ردة فعل من محور المقاومة؟
-التصريحات الأمريكية منع توسع الحرب:
منذ علمية طوفان الأقصى والعدوان على قطاع غزة وتصاعد التوترات بالمنطقة، يعلن العدو الأمريكي باستمرار عن رغبته في تجنب توسيع دائرة الحرب، تهدف هذه التصريحات إلى تهدئة التوترات ومنع تصاعد النزاع إلى مستوى إقليمي واسع قد يؤثر على مصالح أمريكا وحلفائها في المنطقة (دول الخليج وأوروبا) ،
يعكس هذا الموقف رغبة واشنطن في الحفاظ على الاستقرار النسبي بالمنطقة وتجنب الدخول في صراعات مباشرة قد تتسبب في خسائر كبيرة للكيان الإسرائيلي وحلفاءها بالمنطقة وعدم ضخ النفط إلى الداخل الأمريكي والكساد الاقتصادي لأن المنطقة العربية سوق تجاري كبرى للأمريكي.
-أفعال العدو الإسرائيلي:
استمرار العمليات العدوانية العسكرية في المقابل، يواصل العدو الإسرائيلي تنفيذ عمليات عسكرية تستهدف شخصيات بارزة في محور المقاومة، تشمل هذه العمليات مجازر لا تنتهي في قطاع غزة، اغتيال قادة مثل الشهيد القائد ( إسماعيل هنية) رحمه الله في العاصمة الإيرانية طهران والشهيد القائد (فؤاد شكر ) بالضاحية الجنوبية القيادي في حزب الله، وضرب مواقع استراتيجية مثل ميناء الحديدة في اليمن واغتيال في (جرف الصخر) بالعراق،
هذه الأفعال تعكس استراتيجية إسرائيلية تستند إلى ضرب الروح المعنوية لمحور المقاومة بسبب العجز الكبير للجيش الصهيوني على مدى عشرة أشهر في منطقة جغرافية محدودة مساحتها 350كم متر مربع تقريباً كقطاع غزة، فيلجأ إلى هذه الأساليب للحصول على صورة نصر، والتأثير على قرارات جبهات الإسناد ومحاولة استعادة الردع الذي أفشلتها عملية طوفان الأقصى.
-التناقض بين التصريحات والأفعال:
من الواضح أن هناك تناقضا فاضحا بين تصريحات العدو الامريكي وأفعال العدو الإسرائيلي، لأهداف كثيرة منها:
1- التنسيق الخفي:
هناك تنسيقات خفية بين أمريكا والعدو الاسرائيلي تتيح للأخير حرية تنفيذ عمليات عسكرية محدودة ضمن إطار لا يؤدي إلى تصعيد كبير -بحسب القراءة الأمريكية-، بينما تتعامل أمريكا في هذه الحالة مع العمليات الإسرائيلية كجزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى إضعاف محور المقاومة دون الانخراط في صراع مباشر معه.
2- الضغوط الداخلية والخارجية:
تواجه أمريكا ضغوطاً داخليةً وخارجيةً للحفاظ على استقرار المنطقة ،فهناك ضغوط من قبل الشعب الأمريكي والرأي العام، حيث وهو في فترة انتخابات،
وأيضا من قبل رجال الأعمال والاقتصاديين لحفظ تدفقات السلع إلى الأسواق العربية، وخارجية من حلفاء أمريكيا الأوروبيين والخليجيين للحفاظ على النفط المتجه نحو أوروبا، التصريحات العلنية بعدم توسيع الحرب تهدف إلى تهدئة المخاوف الدولية والمحلية، بينما تتيح للعدو الإسرائيلي حرية التحرك ضمن نطاقات محددة لتحقيق أهدافها الأمنية.
3-سياسة الإلهاء:
تعتمد أمريكا على سياسة الإلهاء فتحاول من خلالها الموازنة بين دعم إسرائيل والضغط عليها لعدم تصعيد الموقف إلى مستوى خطير، هذه السياسة تحاول تجنب الاصطدام المباشر مع محور المقاومة، وفي الوقت نفسه تحقيق أهداف استراتيجية طويلة الأمد ومنها أضعاف المحور واستعادة الردع.
-الوسيلة الأمريكية لإبقاء الوضع تحت السيطرة:
في النهاية، يمكن اعتبار التصريحات الأمريكية بعدم توسيع الحرب وسيلة لإدارة الصراع بشكل يحافظ على استقرار المنطقة دون الانخراط في مواجهات مباشرة، تتيح هذه السياسة للعدو الإسرائيلي تنفيذ عملياتها ضمن إطار محدود، بينما تحاول أمريكا التوازن بين دعم حليفتها والضغط على دول المحور لمنع التصعيد الكبير، هذه الإستراتيجية تعكس النفاق الأمريكي والأوروبي بشكل صارخ فبدلا من الضغط على العدو الصهيوني لمنع توسيع المعركة على قطاع غزة ومنع الاغتيالات بل تسمح له بالقيام بما يريد ثم تحاول الضغط على دول المحور لعدم الرد كل هذا لتحقيق أهداف متعددة ومتضاربة في كثير من الأحيان ولن تنجح،قال الله تعالي:((فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا))
صدق الله العظيم .