أ.د. جلال الدين محمد صالح :نهاية اللعبة ومستقبل الكيان الارتري

 

وصلت الحلقة الأخيرة من الدراسة التحليلية للبروفيسور جلال الدين محمد صالح التي جاءت تحت عنوان (نهاية اللعبة

ومستقبل الكيان الارتري – وصلت   إلى  احتمالات خطيرة تنذر بفقدان الوطن بالانضمام إلى إثيوبيا بصيغة قديمة أو جديدة او التقسيم الذميم الذي رفضه الأرتريون في التاريخ وتدعو الحلقة إلى تفعيل قوي لقوى المعارضة أو دور الجيش الأرتري وتعيب الحلقة على الأصوات التي رضيت أن تكون مطية لبقاء النظام بوضعه القاسي المتجبر .

نتابع تفاصيل المقال الرزين في حلقته الرابعة الأخيرة :

وحينها سيكلف المجتمع الدولي إثيوبيا بمهمة ضبط الأمن في إرتريا، بتدخل عسكري مسنود بقرار أممي؛ لتعود اللعبة من جديد كما بدأت أول مرة في الخمسينيات، ويعود حزب آندنت ليطالب بالعودة إلى إثيوبيا، وحزب الكتلة الاستقلالية ليرفض هذا الانضمام، ويظهر حزب آخر مشترطًا الحكم الفيدرالي لإرتريا في ظل إثيوبيا الفدرالية.

وإذا ما تخيلنا الأمر أبعد من ذلك، سينشأ من ينادي بالتقسيم،والسودان نفسه قد تفلت مشاكله من بين الأيدي، فتتراخي أطرافه عن سلطة المركز أكثر مما هي متراخية، متعالية فيها أصوات الانفصال؛ لتبدأ اللعبة من جديد بخرق اجماع الارتريين على المشروع الوطني الذي ناضلوا في سبيله ثلاثين عامًا، وتوريط السودانيين في نزاع ينتهي بهم إلى أكثر من سودان بعد انفصال الجنوب.

وربما عاد الاستفتاء الشعبي على مستقبل البلاد، وربما خرجت إرتريا من كل هذا لتبقى مستقلة شكلاً، ولكن تحت نفوذ أديس أبابا، عبر أحزاب من صنعها موالية لها، وأخرى رافضة غير أنها لا تقوى على مواجهتها، وتضطر أن تلجأ إليها، بحثًا عن حلول المشاكل التي تصنعها لعرقلة استقلال الإرادة الوطنية، على شاكلة نفوذ إيران في العراق ولبنان واليمن، وذلك حتى تعرف إرتريا حجمها الطبيعي في المنطقة مقابل إثيوبيا، وتلعب لعبتها في حدود ما يسمح لها.

وقد يقرأ بعض منا في تحليلي هذا نوعًا من الهرطقة السياسية، ويرونه موغلًا في التشاؤم والخيال السياسي، وآمل أن يكون كذلك، ولكن قد تكمن الحقائق في الهرطقات، ولا مانع أحيانا من صراخ الأغبياء العالي حين يتخوفون من كثافة إطلاق النار وسط زخات الزغاريد يوم الزفة.

وإنها لمجريات الأحداث وتطوراتها المتلاحقة في المنطقة بصورة مذهلة ومحيرة – كما تبدو لي شخصيًا – تنبئ بأن إرتريا التي في مخيلة من آمنوا بحقها في الوجود؛ لتصبح دُرَّةُ القرن الأفريقي، باتت صعبة المنال، أو هي على حافة الهاوية، وأن ثمة شيئاً مخيفاً يطبخ على نار هادئة؛ لخلق إرتريا على صورة مغايرة،وهو ما يجبر المرء على أن يفكر ويحلل الأمور بهذه الطريقة المهرطقة عند نفر منا.

وهو ما يستدعي أيضا التفكير والتخطيط لتحديد البدائل والخيارات الممكنة بمزيد من التمعن والتعمق في مرحلة ما بعد الحرب الماضية، بإدارة النقاش الموضوعي حول هذا السؤال المهم – وفق تقديري – ليس لمجرد الترف الفكري وإنما للتخطيط الاستراتيجي، وهو: هل انتهت اللعبة فعلاً كما كتب الجيش الارتري المنسحب على ناقلاته العسكرية، وقالها من قبله قائده العام إسياس أفورقي؟ أم أنه جيش وظيفي هو الآخر يخوض حربًا بعد أخرى بتوريطه في لعبة لا يعرف مداها ومنتهاها،تمضي به على غير وعي منه نحو غاية أقل ما يقال عنها إنها مهددة للكيان الارتري؟.

ومن المسؤولية الوطنية على هذا الجيش سؤال نفسه بما يلزم عليه فعله قبل وقوع الواقعة، وظني الغالب أنها واقعة، وليس لها من دون الله دافعة وكاشفة، ثم خطوة شجاعة يخطوها بجدية هذا الجيش نحو إتمام واجبه الوطني في حماية الوطن من الانهيار الكلي.

وإن لم يفعل فلا يحول دون وقوعها هذه المعالجات المنادية بالاصطفاف خلف النظام مع الاستعفاء منه والاستغفار؛ لأنها معالجات تُطرح في وقت تتجدد فيه اللعبة بتجديد طرقها وأدواتها، وفي حالة من الانقسام الكبير بين الارتريين أنفسهم في الحكومة والمعارضة والجموع المحايدة والمتابعة من الشعب المنتظر يوم الفرج، وهو ما يعني مجيئها في الوقت الضائع، وفي لحظة من تعفن وتسمم العمليات الجراحية التي ظل النظام يجريها منذ وقت مبكر على ذاته، رافضًا كل نداءات الحوار الوطني، حتى نخرت عظامه وأتلفت مناعته إلى حد انتفاء إمكانية تعافيه بهذا الاصطفاف لو حدث، وفوق ذلك أكدت عجزه الكامل عن الحيلولة دون هذه الكارثة؛ لكونه بات جزءً من المشكلة عينها ولا يصلح حلاً لها، وبوصفه هذا من البدهي أن يكون محل خلاف بين من يرى بتره ومن يرى الاصطفاف خلفه، وفي كلتا الحالتين اللعبة ماشية.

./

أ.د. جلال الدين محمد صالح :نهاية اللعبة ومستقبل الكيان الارتري

……. نقلا من الموقع  الاخباري الارتري . وكالة زاجل الاريترية للأنباء

Comments

هنا تستطيع ان تترك تعليقا عبر حسابك في الفيسبوك دون إدخال الاميل او البيانات الخاصة بك

عن Saganto maqne

شاهد أيضاً

اثيوبيا تتخلف عن سداد ديونها وتدخل نفقا مظلما.

أديس أبابا – عجزت دولة إثيوبيا عن سداد ديونها للبنوك العالمية وقد تخلفت الحكومة الاثيوبية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.