جمهورية الخوف

من دون شك فإن للرئيس غيلي شخصية مركبة الأبعاد،لا تستطيع أن تتأقلم مع محيطها الا أن تفرض نفسها علي الناس بالقوة،بمعني آخر،هو يبحث عن قطيع يأتمر بأمره!ويتلذذ بإهانته وظلمه وسجنه وقمعه.كما هو الحال في جمهورية جيبوتي.يشعر غيلي بعظمة ذاته بشكل فظيع.لكن الي متي سيستمر الخوف والإنتقام في جمهورية الخوف؟يعتبر الجنرال المرحوم ياسين يابي من الشخصيات التي لعبت دورا بارزا لتمكين غيلي من معارضيه،وهو ما جعله يتربع علي رأس الدولة.وكان نقطة التحول السياسي في حياة غيلي الذي كان مجرد رجل أمن
لم يتجاوز عتبة جهازالأمن،واجه غيلي معارضة شديدة من قبل المعارضين الكبار،الا أن ياسين كان بطلا في حملة إنتخابات غيلي عام 2000.وفجأة إندلع خلاف شديد بين الجنرال والرئيس غيلي،لكن الرئيس واجه إنقلاب الجنرال بجنرال آخر أقرب إليه نسبا وسياسة،وبفضل علاقة القرابة إستطاع غيلي الحفاظ علي سلطته ونظامه،وذلك بفضل الجنرال العجوز الذي تجاوز عمره التسعين.”وظهر المصطلح الفرنسي” coup d’État”في القرن السابع عشر للإشارة الي الإجراءات المفاجئة والعنيفة التي كان يتخذها الملك الفرنسي،دون إحترام للقانون أو العادات الأخلاقية للتخلص من أعدائه،وكان يلجأ لها للحفاظ علي مصالحه الشخصية وأمن الدولة”.ومن المستحيل فهم العلاقة التي تربط بين الجنرال زكريا والرئيس غيلي دون العودة الي الإنقلاب الذي تسدي له جنرال زكريا بنموره الذي ظلت تطلق النيران في الشوارع بجنون لتنتقم من كل شخص موالي لقائد الإنقلاب!وفي أول رد فعل له في أعقاب أحداث الشغب وصف غيلي محاولة الانقلاب الفاشلة التي قام بها الجنرال المخلوع ياسين يابي غلب الرئيس السابق لهيئة الأركان العامة لقوات الشرطة الوطنية في جيبوتي،بأنها ”خيانة مفاجئة” غير متوقعة وخيانة للأمة وللقيم الأخلاقية والدينية ولثقة الأربعين عاما،والتي كانت بينه وبين الجنرال ياسين يابي غلب.ولم يتحقق هدف الجنرال،وعادت الحياة في البلد بسرعة الي طبيعتها،ولم يفكر الجيش بأي تحرك مضاد بعد فشل المحاولة الأولي.وكانت علاقة ياسين يابي بالرئيس غيلي قوية وقديمة الا ان ذلك لم يمنعه من محاولة الإنقلاب عليه.وبعدها شن الرئيس الجيبوتي هجوما حادا علي زميله وحليفه السابق،واتهمه بتضليل حفنة من الرجال والتخلي عنهم،ورأي من الضروري فيما بعد اعادة هيكلة اجهزة الشرطة واجراء تغييرات جذرية في قياداتها لمنع تكرار احداث مشابهة في البلد. وقال غيلي ان ياسين يابي غلب سيخضع لمحاكمة عاجلة مؤكدا أنه “سواء كان عمله هذا متعمدا أو نفذ تحت تأثير الغضب،فإنه يتعين عليه أن يتحمل كامل المسؤولية”وفي الختام نتساءل ونقول:لماذا فشل ياسين يابي الله يرحمه في تنفيذ عملية الإنقلاب؟الم تكن معه قوة ليتمكن من إزاحة زميله عن الحكم؟وهل أبلغ حلفاء غيلي عن تحرك قوات ياسين؟وربما كانت فرنسا تعلم بما يفكر به الجنرال قبل أن تنطلق قواته لضرب نظام غيلي..وهل نحن بحاجة الي إنقلاب عسكري في جيبوتي،أم بحاجة الي قيام ثورة شعبية للخلاص من حكم القبيلة؟وإذا صح هذا التنبؤ فإن جيبوتي ستشهد مزيدا من العنف في الشهور المقبلة بيد هذا الرئيس الذي قضي علي كبار القادة وإتفاقياتهم،ونظام غيلي يسبح ضد التيار وضد المواثيق الدولية،ولا أتوقع له خاتمة حسنة. إنه سيذهب بنفس الطريقة التي ذهب بها نظام البشير والتيجراي في إثيوبيا.

Comments

هنا تستطيع ان تترك تعليقا عبر حسابك في الفيسبوك دون إدخال الاميل او البيانات الخاصة بك

عن Ibarhim Ali

شاهد أيضاً

أنين المآسي في غزة . واستشعارها في صنعاء.

– الحرب غيرت وجه قطاع غزة إلى دمار شامل.. فأنين الجوع يدمي القلوب في غزة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.