أنتخابات أقليم تقراي.. هل ستفتح الباب لخلاف قد يدخل الحكومة في مواجهة مع الأقاليم ؟

بقلم /أنور إبراهيم أحمد (كاتب إثيوبي )
نفذ أقليم تقراي بشمال إثيوبيا مأربه،أحد الأقاليم الإثيوبية العشرة بعد أنشاء أقليم سيداما الوليد ،في إقامة الأنتخابات التي ترقبها الجميع ،وقامت بتغطة فعلاياتها كافة وسائل الإعلام العالمية وكانت حدثا مهما الأسبوع الماضي كأول حدث أقليمي في البلاد يجد تغطية كبيرة بهذه الصورة ،وعلي الرغم من الأتهامات وبعض التحديات التي واجهت الأقليم ، والمتمثلة في رفض الحكومة الفيدرالية لهذه الأنتخابات ،ووصفها لها بغير القانونية وغير الشرعية ،وأعتبارها أنتخابات غير دستورية ،ذلك بعد أن رفضت مجلس الأنتخابات الوطني الإثيوبي الأعتراف بها وبقانونيتها ،مما أدي لأن ينشئ الأقليم مفوضية أنتخابات خاصة به ،وهو التحدي الأكبر والذي تمثل في تهميش دور مجلس الأنتخابات الوطني الإثيوبي “الجهة المسؤولية عن الأنتخابات في البلاد “،فكانت الأنتخابات التاريخية التي لأ يمكن أن تنسي أبدا وسيسجلها التارخي في ملفاته ، بصفتها الأولي في البلاد تحدث ،و أوعتقد أنها لن تتكرر مرة أخري أيا كان الموقف .
وكما هو معرف أن حكومة إقليم تقراي أجري الانتخابات الإقليمية يوم الأربعاء الماضي ، والتي حسب المصادر الرسمية في الأقليم قد شارك بالتصويت فيها نحو 2.7 مليون ناخب لبرلمان الإقليم ،تقدمتهم قيادات الجبهة الشعبية لتحرير تقراي ،”الحاكمة في الأقليم ” علي راسمهم الدكتور دبري صيون قبري ميكائل، ،والذي كان قدأكد في تصريح سابق :”أنه لا يمكن أن تتراجع حكومة الأقليم فيما يخص خطوتها حول أجراء الأنتخابات ،وأن أي جهة تحاول أن تعمل علي عرقلة او أيقاف تلك الأنتخابات يعتبر اعلأن لحالة الحرب علي حكومة الإقليم “.
وقد أجري أقليم تقراي انتخاباته في موعدها المحدد ،والتي أعتبرت سابقة فريدة في تاريخ إثيوبيا ،ولم يجرؤ اي اقليم من قبل علي اجراء انتخابات منفصلة عن الانتخابات العامة التي تجريها الحكومة الفيدرالية كل 5 أعوام، وتم تأجيلها هذا العام بسبب جائحة كرونا،هذا الوباء الذي أعاق العديد من النشاطات في مختلف أنحاء العالم .
اعتبرت الحكومة الفيدرالية أن الانتخابات التي أجرتها “مغلي ” ليست ذات جدوى وقيمة، وقلل رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في حديث لها عبر التلفزيون الرسمي من أهمية تأثير هذه الانتخابات على حكومته أو مستقبل البلاد.
المادة 39 والمطالب الأقليمية
المادة 39 في الدستور الإثيوبي تعطي الحق لكافة الشعوب والقوميات الإثيوبية في تقرير مصيرها،وهو الشئ الذي قد يؤدي بأي أقليم لأعلأن الأنفصال مستقبلا عن البلاد ،وبما أن هذه المادة بدأت تلوح في الأفق في وقتنا الحالي ، ومالم يتم أجراء تعديلات في الدستور الإثيوبي الذي تم الاعتراف والمصادقه عليها في العام 1995 ،ستشكل هذه المادة اكبر التحديات أمام فيدرالية إثيوبيا ،تلك الفيدرالية التي كانت لها تجربة طويلة في تاريخ البلاد السياسي ،والتي اعتبرت الأكثر نجاحا في القارة الأفريقية ، وفي ظل تجدد المطالب بإقامة أقاليم لمختلف المقاطعات خاص في أقليم شعوب جنوب إثيوبيا ، والذي يضم أكثر من 80 قومية مختلفة ، وثقافات وتعددية أثنية وعرقية تمثل في مجملها عدد كبير من القوميات داخل الأقليم الواحد ، وكانت تجربة أنشاء أقليم سيداما الأكثر نجاحا بعد مطالب أستمرت لسنوات طويلة ،وسارت علي خطاها مناطق ومقاطعات أخري مثل قومية “ولايتا ” التي لها مطالب متواصلة لأنشاء أقليم خاص بها .
تظل المادة 39 من الدستور الإثيوبي أكثر المواد التي قد تساعد علي أنقسام وتفتيت الوحدة والفيدرالية الإثيوبية ،وتعتبر البند الوحيد او المنفذ الوح ي د في كل الصراعات والخلافات السياسية داخل البلاد ، وهنا لأننسي أن هنالك من كان يتمسك بها حتي قبل مجي أبي أحمد لسدة الحكم .
وفي حالة أقليم تقراي بعد الخلاف الأخير ،يري عدد من السياسيين أنه في حالة أن أشتد الضغط علي الأقليم من قبل الحكومة الفيدرالية ،التي لأبد لها أن تجري أنتخابات قريبا بعد أن عملت علي تأجيلها ، تلك الخطوة التي يراها البعض أنها غير دستورية ،وأخر يؤكد علي دستوريتها مادام أن هنالك تحديات تواجه البلاد مثل جانحة “كرونا “.
وفي شهر أكتوبر القادم تستعد الحكومة الأقليمية لتقراي لتقديم ردا وافي وشافي للحكومة الفيدرالية حسب مصادر داخلية في الإقليم ،وهنا قد الرد عبارة عن مطالب مختلفة وقد يكون المطالبة باجراء أستفتاء حول تقرير المصير ،وهي أحدي تلك المطالب في حال أن الحكومة الفيدرالية حاولت أو اقدمت بأي خطوة تجاه الإقليم ،في حال اذا رفض المشاركة في الأنتخابات الفيدرالية القادمة التي ستجريها الحكومة في أديس ابابا ، وذلك بحجة ان الأقليم أجري أنتخابات وأنتهي منها ، وهي الخطوة القادمة للصراع في المنطقة ، بعد تمكن جبهة تحرير تقراي التي أستفادت من خبراتها في تأسيس كيان سياسي نهض بدولة ، والأن يتم أستخدامه في تأسيس كيان سياسي في أقليم يسعي لتحدي الحكومة الفيدرالية ، وكانت التطورات عقب أنشاء رئيس الوزراء ابي أحمد ل”حزب الأزدهار” علي أنقاض الحزب الحاكم السابق “الجبهة الديمقراطية الثورية للشعوب الإثيوبية “والذي اعتبره الكثير من الخبراء الموالين “للجبهة” أنه أنقلاب علي الشرعية ،بأسم توحيد الحزب الحاكم مع عدة أحزاب سياسية في البلاد ،فكانت حالة الأحتقان السياسي التي عمت المشهد السياسي في إثيوبيا ،وادت لأنقسام أحزاب المعارضة مابين مؤيد لحزب أبي الجديد ومعارض له ،مع ظهور حالة فتور سياسي في بلد يضم عدد كبير من الأحزاب اغلبها معارضة للنهج السياسي الحالي ،وظهرت أئتلافات جديدة منها ماهو علني يعمل علي مواجهة النظام وأخري تعمل بصورة خفية وتتحرك في عدة مناطق ،ولم تعلن عن برنامجها وهي الأكثر الأن ، ولها أتجاهات غير واضحة تسعي من خلاله للتصدي للحكومة وأستعادة بعض المفاهيم السابقة التي هي مثار جدل وأختلاف في الداخل .
أختلافات دستورية لتحقيق طموحات ومطالب
الأنتخابات الأخيرة التي جرت في تقراي ،تمسك فيها الجانبين الحكومة الفيدرالية في أديس ابابا والحكومة الأقليمية لتقراي ،بنقاط متعدد فيما يخص الجوانب الدستورية ،حيث أكدت الحكومة أن الدستور لأيعطي الحق للأقليم أجراء أنتخابات بمعزل عن الحكومة الفيدرالية ،وأن هنالك مواد خاصة بمجلس الأنتخابات الوطني الإثيوبي باعتباره الجهة الوحيدة المكلفة بمراقبة والأشراف علي الأنتخابات في البلاد ،والأقليم يري أن الأنتخابات التي أجراها حق دستوري منحهم اياه الدستور ولأيمكن أيقافه ،وأستمرت الأنتخابات مع بعض التصريحات الحكومية التي وصفت الانتخابات بغير القانونية وغير الشرعية وتتنافي مع الدستور،كانت أيضا بيانات المجلس الفيدرالي الإثيوبية “الجهة الثانية ” التي أعتبرت الأنتخابات غير قانونية ، ودعت الحكومة الأقليمية لتقراي لأيقاف أجراء اي أنتخابات دون موافقة الحكومة الفيدرالية ، وكان المجلس الفيدرالي قد صادق نهائيا على تأجيل إجراء الانتخابات في يونيو/حزيران الماضي، وقد وافق على تمديد استمرار البرلمان الفيدرالي والحكومة الحالية وجميع المجالس الفيدرالية والإقليمية في تسيير العمل في ظل تفشي كورونا، على أن يتم إجراء الانتخابات في فترة لا تتجاوز ما بين 9 أشهر إلى عام من انقضاء التهديد.
الأحزاب السياسية في البلاد عقب الأعلان عن تاجيل الأنتخابات كانت هنالك حالة من الرفض والأعتراض والمطالب المختلفة ،أهمها أن تم تأجيل الأنتخابات يجب علي الحكومة أقامة حكومة انتقالية مؤقتة ،الشئ الذي رفضته الحكومة بأن الدستور لأيوجد به بند يقر بإقامة حكومة أنتقالية ، وكذلك بعض من أحزاب المعارضة الإثيوبية نوهت الي أن الدستور أيضا لأيوجد به بند يعطي الحق لتأجيل الأنتخابات ،وهو أحد أحاديث قيادات جبهة تحرير تقراي الذين اكداو أن الحكومة السابقة أجرت الأنتخابات ابان الحرب الأريترية الإثيوبية في العا م 2000 م ،والبلاد كانت في حالة حرب في تلك الفترة .
مابين هذه المطالب ورفضها والأعتراض عليها من الحكومة والمعارضة ظل الدستور الإثيوبية يتم ترجمته وفمهم كلا حسب هواه ومصالحه ،ويظل الخلاف الدستوري كبير جدا في البلاد ،علي الرغم من أن مواده واضحة ، والمواطن هو من قام بالأستفتاء عليها في تلك الفترة .
توقعات للسيناريو القادم
السيناريوالقادم يوحي الي أن المشد السياسي في البلاد سيلتهب بصورة كبيرة ،ومايوضح هذا الخلافات التي ادت لأستغلال الدستور الإثيوبي لتحقيق الأهداف الخاصة لكل حزب أو جماعة ، علي الرغم من أن هذا الدستور كان في السابق هنالك من يرفض الأنصياع له الإ أنه في وقتنا الحالي بات المرجعية علي الرغم من التسابق للحكم ، وقد يشهد الواقع الإثيوبي تطور كبير في التحركات السياسية سيكون الأكثر تأثيرا علي الداخل ، وقد يساعد في ذلك التواجد الكبير للأحزاب السياسية في البلاد في وقتنا الحالي وهي أكثر الفترات التي تختلف عن سابقاتها، بعد الدعوة التي وجهت لهم من قبل رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد للعودة لأرض الوطن والمشاركة في الحركا السياسي وعملية البناء والتنمية ،وعادوا واصبحت لهم مشاركات سياسية كبيرة وبأتوا قريبا من المواطن الإثيوبي والشارع السياسي ،وأستطاع المواطن أن يتقرب لتلك الأحزاب التي كانت ممنوعة من الممارسة السياسية داخليا ، وشهدنا ذلك أبان تحركات مجموعة “بالاديراس ” الذي يقوده الناشط أسكندر نقا ،ومجموعة جوهر محمد التي كانت ردور فعلها كبيرة عقب محاولة اعتقاله الأولي الي صرح بها لأتباعه عبر مختلف وسائل التواصل الأجتماعي وادت لاحداث كبيرة في البلاد ،وغيرها من الأحزاب التي عادت لجماهيرها في الداخل .
فالتحدي قد يؤدي لتغيير الدستور والنظام الفيدرالي أو سيعمل علي فرض واقع سياسي جديد في البلاد ،وربما قد نشاهد عملية سياسية تتسم بالأنغلاق السياسي ،الشئ الذي قد يساعد الأقاليم علي أن تتحدي الحكومة الفيدرالية ،في ظل تزايد ضغوط المواطنين والشباب علي حكام الأقاليم بصورة كبيرة ،وهم الذي كانوا لهم أدوارا كبيرة خلال الثورات الشبابية في أقليم أوروميا وبعض المناطق .
[10:03, 2020-09-21] Anwar :

Comments

هنا تستطيع ان تترك تعليقا عبر حسابك في الفيسبوك دون إدخال الاميل او البيانات الخاصة بك

عن Shefa Alafari

شاهد أيضاً

تفوقت إثيوبيا على تنزانيا وأوغندا كوجهة استثمارية رئيسية لكينيا في الخارج.. سفاريكوم إثيوبيا تعين السفير الإثيوبي السابق في فرنسا مدير للشون الخارحية

  عينت سفاريكوم إثيوبيا السفير الإثيوبي السابق في فرنسا ، إينوك تفران ، مسؤولاً للشؤون …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.