البحث عن الماضي.

بقلم / فتحي بن لزرق-

لاتوجد أمة في كل هذه المعمورة تبحث عن الماضي وتستدعيه إلا الشعب اليمني .
يسير “اليمنيون” في طرقات متعددة باحثين عن الماضي ، الماضي الذي يمثل أشياء كثيرة لهم .
على طول هذا الكون اجمع لايستذكر الناس الماضي إلا على انه “ماض” مضى وارتحل وماتبقى منه إلا بعض الذكريات ..
إلا في اليمن ..
يسير المواطنون في صنعاء وعدن والحديدة والمكلا وتعز وكل مدينة وقرية كل مساء يستذكرون ماضيا عظيما لهذه المدن وحاضرا مؤلما ومستقبلا مجهولا .
صنعاء..
من يصدق ان هذه المدينة التي يلفها الموت من كل جانب كانت تعج بنبض اليمن وأهلها ليلا ونهارا..
على جنبات ميدان السبعين حيث يلف الظلام المكان يشير الناس إلى الأماكن مستذكرين الماضي الجميل الذي مر من هنا .
الجيش والدولة والأمن والنجدة العروض العسكرية الضخمة وخطابات الوطن والوحدة والحرية والثورة ..
طوابير موظفي الحكومة وباص الكوستر يمر بهم مسرعا بالقرب حي التحرير صباحا ومساءا.
هذا باص الدفاع وهذا الداخلية وهذا التربية.
وصيحات العمال بالقرب مطعم العدانية بشارع التحرير والخطى المتسارعة للحاق بالعمل.
إحتفالات ذكرى الوحدة والثورة والشوارع المضأة ، مؤسسات الدولة التي تتلالى بالاضاءات المختلفة .
صلاة العيد ، مواكب المسئولين على بغضنا لها ..
رمضان وبرنامج فرسان الميدان ..
مسابقة القرأن الكريم على تلفزيون اليمن..
بجناح الاشواق اتينا
للقاء الاحباب سعينا
برحاب القران فهبي انسام الجنات علينا
محطات الاجرة بين عواصم المحافظات الحافلات والصوالين والبيوجتات التي تمخر عباب الجبال والسهول لاتخشى احدا.
هي اشياء لاتشترى ..
ثمينة من الماضي الذي نتمنى له ان يعود ..
والماضي لا يعود أبدا ..
قال لي :” امنيتك في الحياة يافتحي ؟
قلت له :” يعود بي الزمن إلى ماقبل 2011 واعيش شهورا قليلة واموت ..
قال :” وهل هذه أمنية؟ ..
قلت له نعم .. اريد ان اعيش هذا الواقع ان تتلمس خطواتي هذا الواقع الجميل واذوي.
اريد ياصاح ان اقود سيارتي على طول الطريق الواصلة إلى الساحل الغربي فلا اجد جندا ولا مدافع ..
كما كانت صحراء قاحلة وبعض الباعة من أهالي زبيد يعرضون ماتسير مما يصنعون .
اريد ان اركض في مضمار الهجن بالقرب من بيت الفقيه.
اريد ياصاح ان انطلق إلى الحديدة واطوف بشارع صنعاء وكل الازقة.
اريد ياصاح ان اقف بالقرب من كشك الصحف بالتحرير وانادي بائعه :” عطني لو سمحت النداء والثوري والشورى والصحوة والوسط والثورة واكتوبر .
اريد ان اغفو على كتف الراكب الذي بجانبي والبيجوت يسير مسرعا في طريقه إلى عدن من صنعاء مارا بذمار وقاع جهران ويريم .
لانقاط ولا مسلحين ولا سؤال :” من أي محافظة أنت؟
اريد ان اصل “عدن” فأرى يحيى الشعيبي وهو يطوف المدينة متفقدا لكل شيء .
عدن الجميلة التي لاتكره احدا..
عدن التي بلاحواجز ولا فتن ولا كراهية ولاعنصرية.
عدن التي يفترش الناس سواحلها في ساعات المساء المتأخرة مناجين النجوم والقمر ..
باص الكوستر الذي يطوف المعلا والتواهي والشيخ بلا كلل ولاملل باحثا عن راكب يتدلل.
جامعة عدن وطلابها ومثقفيها .
اتحاد ادبائها وشعرائها
احملني إلى تعز وطل بي من على قلعة القاهرة وباشرني صباحا بنسخة من صحيفة “الثقافية”.
كأس ثقافة من فضلك ..
حبيب سروري ومملكته المغدورة.
علي المقري والغربي عمران وقوارب وليد الجبلية.
هب لي ماضي بلادي الجميل..
خذني إلى المكلا وطف بي على خورها الجميل .
دعني ارتشف كأس شاي بخاري مع “عبدالقادر هلال” واتركني اسأله كيف احبته حضرموت واهلها حتى اليوم.
ما السر ان تحب محافظة ما شخص ولاتنساه أبدا؟!.
احملني إلى المهرة البعيدة عن كل شيء الهانئة من كل وجع وضر..
اعطني اليمن الذي يحب بعضه وانزع عني يمن التحالف والشرعية والميلشيات والحوثي ..
موجوع بحب هذه البلاد ..
ومثخن بجراح الماضي وذكرياته .
هذا ليس ذنبي ..
ذنب الاوغاد من اهل الساسة الذين اغلقوا نافذة “المستقبل” ولم يتركوا لنا إلا أوراق الماضي نقلب فيها ..
عن اليمن التي نفتقدها ..
اكتب هذه الثرثرة ..
نقطة على السطر ودمعة..

16 يونيو 2020

Comments

هنا تستطيع ان تترك تعليقا عبر حسابك في الفيسبوك دون إدخال الاميل او البيانات الخاصة بك

عن المحرر المحرر

شاهد أيضاً

وزير دفاع حكومة صنعاء في زيارته الميدانية يخذر من العواقب إذا استمرت دول العدوان في جرائمها.

جريدة السلام – متابعات خاصة . قام وزير الدفاع في حكومة الانقاذ الوطني بصنعاء اللواء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.