نور طاهر

الحراك الشعبي الجيبوتي يدخل اسبوعه الثاني رغم التعتيم الإعلامي ، والنظام يخطط لإجهاضه بكل الطرق ، وهل ينجح الحراك ؟؟

بقلم/ نور طاهر

كاتب ومحلل

تشهد جمهورية جيبوتي مظاهرات شعبية ضد النظام الحاكم وتتواصل الفعاليات للأسبوع الثاني . حيث انطلقت المظاهرات عقب اعتقال النشاطين ،كاكو حمد العفري وعثمان يونس العيساوي , خاصة عقب اعتقال كاكو من قبل أجهزة الأمن أثناء عودته من محافظة تاجوراء مساء الخميس الموافق يوم 31 أكتوبر 2019 ، وعلى إثر ذلك انتفضت ارحباء أحدى احياء العاصمة جيبوتي وأغلق الشباب الطريق المؤدي من العاصمة إلى عرتا مطالبين إطلاق الناشط كاكو ابن الحي فورا بدون اي شروط وحينها تعاملت قوات الشرطة والدرك بالقوة المفرطة مع المحتجين لفتح الطرقات وفض الحشود . كل تلك الإجراءات لم تفلح في تهدئة الشارع الجيبوتي بل ازداد زخم الاحتجاجات والتحقت محافظات عدة منها تاجوراء وابوخ بركب الحراك .

وهذه التطورات زلزلت عرش النظام المتهالك الذي يعيش أسوء فتراته بسبب الصراع الداخلي على النفوذ من جهة والتغيرات الجيو سياسية في المنطقة من جهة أخرى ، والنظام كثف مساعي البحث عن خطة سحرية لإيقاف الحراك الشعبي بدون ان يقدم أي تنازلات وحتى بدون ان يفرج عن الشاب الذي تسبب اعتقاله بالمظاهرات الشعبية ، وقبل ان يحظى الاهتمام الإعلامي ويستقطب المترددين والخائفين من الشعب إلى صفوفه وتشكيل قوة تنظيمية في الشارع ، لأن استمرارية الحراك يعتبر كسر حاجز الخوف رسميا ويفتح افاقا للحراك لينظم صفوفه ويستجمع قواه ، نتيجة الخشية من الأسباب المذكورة لجاء النظام إلى عدة طرق منها طريقة مفاياوية محفوفة بالمخاطر ، حيث قاموا باستدعاء شيوخ العفر والتعهد بالأفراج عن الشاب كاكو وكلفوا الشيوخ بمهمة اقناع الشباب للتوقف عن المظاهرات وما يدعو للدهشة والريبة يطلبون هذا بدون ان يطلقوا سراح الشاب ، ومن جهة أخرى اطلقوا سراح الشاب العيساوي عثمان يونس الذي اعتقل أيضا بالظلم بتهمة الإضرار بالنظام العام وممارسة نشاطات غير قانونية ، اتهامات لا أساس له من الصحة ، اعتقاله كان بسبب قرابته للسيد الياس دوالي سكرتير العام للحزب من بطن فورلابا و الذي يعتبر منافسا للرئيس إسماعيل ، و الهدف وراء افراجه لتحييد العرق الصومالي عامة و العيساوي خاصة من الحراك الذي يزلزل عرش النظام ، وترك الشارع للمحتجين العفر لالصاق تهمة القبلية والعنصرية بالحراك الشعبي و بالتزامن مع إفراج الشاب عثمان أطلق النظام ذبابه الالكتروني في التواصل الاجتماعي لنشر صورة مشوهة من الحراك وإظهاره كحراك قبلي عنصري ، ما لم يدركه النظام ان هذه السياسة المافياوية التمييزية ستكون سلاح ذو حدين على السيد جيلي وحاشيته ، وربما خطوة إفراج الشاب عثمان قد يهدئ الغضب العيساوي وعمليات الشحن والتليقن والتحريض التي تتم في التواصل الاجتماعي قد تجعل بعض المواطنين من القومية الصومالية ينظرون إلى الحراك انه عدوان موجه ضد قوميتهم وقد لا ينضمون اليه مما يقلل فرصة الاستمرارية وليس اجهاضه وهذا يفيد النظام على مدى القصير . ومن جهة أخرى سياسة الكيل بمكيالين و الشحن القبلي المنظم وشيطنة مواطني جيبوتي بسبب مطالبتهم بالعدالة والمساواة والحرية ، ستكون لها عواقب خطيرة قد تجعل وحدة البلاد على المحك ، لان المكون الشريك في الوطن والذي يتم شيطنته تخطيط من النظام ، سيعتبر رسميا النظام الحاكم نظام قبلي قائم لمصلحة قبيلة واحدة وفاقد للشرعية ويمهد للانشقاقات داخل النظام الحاكم وخلق حالة الفوضى والانسداد السياسي الذي يدخل البلد في نفق مظلم لا سمح الله وهذا ما لا نتمناه لجيتوتي الشقيقة . عموما ما سمح لكل هذا التجبر وتمادي النظام هو ضعف الأحزاب السياسية المعارضة وتشرذمها .

مطالب هذا الحراك لم تأتي من مشاكل آنية أو قضية اعتقال الشاب كاكو فقط ولا تنحصر على اطلاق سراحه بدون إنكار دور قضية الشاب بالدفع للخروج إلى الشارع وتصدر شعار الحرية لكاكو أجواء الحراك ، بل مطالب الحراك أكبر من ذلك ومتراكمة بسبب مشاكل منذ عقود نتيجة ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﻤﺰﺭﻳﺔ ،ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺮﺷﻴﺪ ،ارتفاع ﺍﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻭﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭﻏﻼﺀ ﺍﻟﻤﻌﻴﺸﺔ ﻭﺍﻟﻤﺤﺴﻮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺍﻟﻤﺎﻟﻲ ﻭﺍﻹﺩﺍﺭﻱ ﻓﻲ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﺣﺘﻜﺎﺭ فئة معينة مقدرات البلد وخاصة ‏بطن “ﻣﻤﺎﺳﻦ ‏” ﻣﻦ ﻗﺒﺒﻴﻠﺔ ﻋﻴﺴﻰ بطن الرئيس إسماعيل واستحواذهم بل احتكارهم معظم وظائف مؤسسات الدولة . لكن الحراك الشعبي لم يحظى باهتمام إعلامي عالمي عامة واقليمي خاصة والإعلام الموازي التواصل الاجتماعي كان الصوت للحراك ، علما ان النشطاء الجيبوتيين لم يعولوا على إعلام الأنظمة في المنطقة وعولوا على ما وصفوها “بمنبر الاحرار وصوت المظلومين” قناة الجزيرة ، ومع الأسف لم تكن القناة عند حسن ظنهم ولم تتكبد عناء تغطية الأحداث ، الأمر الذي ولد خيبة أمل لدى الشباب مصاحبة بالغضب تجاه القناة وطالبوا بتغطية الحراك بالنداء ، وأثناء ارتفاع أصوات تعاتب الجزيرة واخرى تشيطنها، ظهرت الجزيرة فجأة وسط الأزمة لتغطية مراسيم افتتاح الرئيس إسماعيل جيلي طريق يربط مدينة تاجوراء بشمال اثيوبيا ، خطوة اعتبرها الناشطون تضامنا مع النظام الديكتاتوري وإهانة للحراك الشعبي . حسب وجهة نظرنا في هذا المضمار وللإنصاف والحيادية ، كان ينبغي لقناة الجزيرة تغطية الحديثين بمهنية تماشيا مع شعارها الرأي والرأي الآخر ، وذلك بنقل المظاهرات الشعبية ضد النظام وتغطية مراسيم افتتاح مشروع طريق من قبل النظام . إلا أن ما حدث عكس ذلك تجاهل للحراك طيلة أسبوع ونقل مراسيم افتتاح الطريق .

بالرغم من التعتيم الإعلامي وسياسة التفرقة الذي انتهجها النظام لاجهاض الحراك ، إلا أن الحراك لن يتعثر ، وهناك إشارات إيجابية تظهر من النخب السياسية ومنظمات المجتمع المدني الجيبوتي بتوجهيهم انتقادات للنظام بسبب سياسة التفرقة الذي اظهره في قضية الشابين وطالبوا بافراج الشاب كاكو. ووفقا للمصادر الداخلية ، ان الهدوء المتقطع الذي يشهده الحراك الذي انطلق عفويا بدون ترتيبات مسبقا ليس لوقف الحراك بل استراحات لترتيب وتنظيم الصفوف ومواصلة الصغظ على النظام ورفع سقف المطالب إلى تنحية الرئيس، وفي الوقت الراهن كل المؤشرات تفيد بفشل النظام في شق صفوف الجيبوتين ، وايضا في ظل غياب الاستعداد والرغبة لدى النظام بالإنصات لمطالب الحراك وتحقيق بعض المطالب على الاقل، يرفع سقف توقعات استمرارية الحراك ، والاستمرارية تساعد الحراك لاختبار قوته التنظيمي واستعراض زخمه الجماهيري مما يمهد لجذب اهتمام الراي العام العالمي والتغطية الاعلامية . ولكنه سيحتاج إلى الواجهة السياسية التي تتكفل بالضغط على السلطة . وهل هناك قوى سياسية تستطيع لعب ذلك الدور ؟ لا نستطيع ان نجزم بنعم بسبب حالة التشرذم في صفوف قوى المعارضة ، مهما يكن وهناك ضروريات يفرضه الحراك ولذلك يتطلب من الأحزاب السياسية الوطنية المعارضة تشكيل ائتلاف توافقي وتبني مطالب الحراك سياسيا والعمل بجدية عبر تكثيف النشاط الدبلوماسي امميا واقليميا بغية تأليب المجتمع الدولي على النظام الديكتاتوري وفرض نفسه كبديل سياسي يستطيع قيادة مرحلة ما بعد جيلي على غرار ما فعلته قوى إعلان الحرية والتغيير السوداني (قحت ) . اذا هل الحراك الشعبي الجيبوتي جزء من الربيع الافريقي الذي بداء في السودان والجزائر ونجح في إسقاط الرئيسين ؟ وهل سيلحق السيد إسماعيل جيلي برفيقيه السيد عبدالعزيز بوتفليقة والمشير عمر البشير ؟ لا نستطيع الإجابة ولكن نأمل ذلك .

Comments

هنا تستطيع ان تترك تعليقا عبر حسابك في الفيسبوك دون إدخال الاميل او البيانات الخاصة بك

عن Shefa Alafari

شاهد أيضاً

تفوقت إثيوبيا على تنزانيا وأوغندا كوجهة استثمارية رئيسية لكينيا في الخارج.. سفاريكوم إثيوبيا تعين السفير الإثيوبي السابق في فرنسا مدير للشون الخارحية

  عينت سفاريكوم إثيوبيا السفير الإثيوبي السابق في فرنسا ، إينوك تفران ، مسؤولاً للشؤون …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.