جوهر وابي احمد

خلافات أبي أحمد وجوهر وتداعياتها على شعبية أبي احمد والحلول الممكنة

سمرا – إقليم العفر – اثيوبيا
نور طاهر
تاريخ 27 – أكتوبر – 2019

كانت النقاط الخلافية بين رئيس الوزراء الأثيوبي الدكتور أبي أحمد وبين الناشط السياسي الثوري جوهر محمد كثيرة قبل وصول الأول إلى السلطة واستمرت بعدها ، وإن كانت معظمها جانبية وبعضها استراتيجية ، علما أن الناشط السياسي جوهر كان معارضا للنظام الذي ينتمي له الدكتور أبي أحمد وقاد ضده الثورة ، وما جعله يقبل ابن النظام اي أبي رئيسا للوزراء ويوقف الاحتجاجات كانا لسببين ، الأول موقف أبي وحزبه ضمن الائتلاف الحاكم الداعم لمطالب الشباب والإصلاحات بتبنيهم مطالب شباب الثورة ، والثاني انتمائه العرقي ، فوصول شخصية أورومية إلى قصر منليك كانت الأهم رغم الخلافات و التباينات في التوجه السياسي و الأيديولوجي ، كما أن تنصل أبي أحمد عن ماضي النظام وملاحقة رفاق الأمس والانقلاب عليه وتحوله إلى الابن العاصي للنظام بعد تسلمه السلطة ساهم أكثر على التقارب بين الرجلين ، إلا أن ذلك لم يدم طويلا ، فبعد مرور نصف عام على رئاسة أبي أحمد بداء الخلاف يطفو على السطح ، البداية كانت بشأن توزيع المجمع السكني (الكوندومنيم ) في ضواحي العاصمة أديس أبابا ، حيث بدأ عمدة العاصمة المهندس تكلى اويما توزيع المجمع السكني للمواطنين الذين سجلوا في عهد رئيس الوزراء السيد هيلى مريام دسالين الأمر الذي اعتبره جوهر ووصفه توزيع ظالم وامتداد لسياسة النظام المعتادة . الجدير بالذكر أن تأميم الأراضي لغرض بناء ذلك المجمع السكني كانت الشراراة التي أطلقت المظاهرات الشعبية بقيادة جوهر محمد في عام 2015 ،حيث تظاهر المزارعين وأبناء المزارعين ضد مشروع توسيع المدينة على اراضيهم وقوبلت حينها بالقوة المفرطة .
والسيد جوهر جدد موقفه وعارض توزيع المجمع ووصفه ما بني بالقوة على الأراضي المزارعين يجب أن يوزع لاصحاب الارض ، داعيا الشباب للتظاهر معتبرا الأرض جزء من إقليم اورومو وليس تابع لمدينة أديس أبابا ، ووقفت قيادة إقليم اورومو مع جوهر وأصدرت بيانا اعتربت فيها أن المجمع السكني يوجد داخل اراضيها وهي ضمن سيادتها وانها المخولة بادارة التوزيع ، بينما رئيس الوزراء لم يصرح آنذاك وتفادى الصدام المبكر وكتم غضبه حيال الأمر .
اخيرا بلغ الخلاف ذروته بشأن فكرة اندماج الأحزاب الاثنية في حزب وطني واحد ، وهي فكرة أبي أحمد لتنفيذ أطروحته او فلسفته السياسية المدمر ” التجمع او الجمع ” فكرة قسمت ظهر البعير للعلاقات بين الرجلين وأدت إلى التصدع في العلاقات ونتجت عنها التطورات الأخيرة ابتداء من حرب التصريحات والتغريدات وصولا إلى الأحداث الأخيرة. .

نقطة الخلاف المحورية هي أن الدكتور أبي أحمد يعتبر أن الأحزاب الاثنية هي سبب النعرات الاثنية وافول شعور الوطنية لدى المواطنين ولذلك يرى اندماج الأحزاب الاثنية في حزب وطني واحد حل لخلق التكامل والشعور الوطني ، ويؤكد عدم نيته تغيير النظام الفيدرالي الاثني ، بينما جوهر محمد يعتبر فكرة الاندماج هي إلغاء حقوق القوميات وسلب مكتسباتهم وتهميشهم تحت غطاء التكامل ويصفها فكرة لإلغاء حقوق القوميات على مستوى الأحزاب وتمهد لإلغاء الفيدرالية الاثنية دستوريا بغية العودة إلى النظام المركزي الوحدوي الشمولي . ولذلك تحول الحليفين الى عدوين في الوقت الراهن .

هل تؤثر الأحداث على شعبية أبي احمد ؟

الأحداث الأخيرة اثبتت تمتع جوهر محمد بشعبية جارفة على مستوى البلاد بسبب موافقه ، ويرجح الكثيرين ان تصادم أبي أحمد مع جوهر سيقلص رصيده الشعبي عند الاوروميين وعند الشعوب الإثيوبية ، وإن حرق كتاب فلسفة المدمر”المدمر ” بالمئات إن لم يكن بالآلاف الكتاب الذي دشنه أبي أحمد قبل أسبوع هي أحد إشارات تئاكل شعبية أبي احمد عند قومه وارتفاع شعبية الثوري جوهر محمد ، بالإضافة إلى ذلك أن الأخير يحظى الان بشعبية جارفة في أوساط الشعوب الإثيوبية وعددها أكثر من 80 عرقية وكل هذه العرقيات تتشبث بالنظام الفيدرالي ومعارضة جوهر العلنية اندماج الأحزاب الاثنية في حزب وطني واستماته للدفاع عن أهمية الأحزاب الاثنية وتقديم نفسه حامي النظام الفيدرالي الاثني ساهم في تجاوز شعبيته من داخل قوميته إلى الأقاليم الخمسة الموالية ، مقابل مؤشرات انخفاض شعبية أبي احمد في معظم الأقاليم بسبب فكرة الاندماج التي ولدت شعور الشك واتهام أبي بالهيمنة على الأقاليم ، وبطبيعة الحال ان الشعوب الإثيوبية تتمسك وتتشبث بمكتسبات الفيدرالية الاثنية خشية من الاستبداد واستعباد الماضي تحت النظام المركزي الوحدوي ، ولذلك يساندون أي صوت يصدح للحفاظ على النظام الفيدرالي الاثني وهذا ما جعل الأغلبية الساحقة من الشعوب الإثيوبية تساند جوهر في معركته السياسية الذي يخوضها ضد فكرة الاندماج المثيرة للجدل وادت إلى ارتفاع رصيده الشعبي حتى في أوساط القوميات التي كانت ترتاب من أفكاره القومية مثل التقراي بعد ان تأكدت من موافقه الذي يدعوا باستقلالية القرار الاثني وحقوقهم السياسية والثقافية وبداء يتناقل بين الناس أحاديث مثل ، ” ما كان يجعله متشددا في الماضي هو الظلم الذي كانت تتعرض له قوميته، خاصة تصريحاته التي أدلى بها في مقابلة مع تيلفزيون LTV المحلي حيث قال “باسم الإصلاح والمدمر اي الجمع والتكامل لا نريد ان نخدع الشعوب لتثبيت هينمتنا ولا يمكن ان نسكت ما كنا نعيب على الأخرين وناضلنا لاجله ، لا نريد ان تكون حقبة اورومو حقبة سحبت فيها من القوميات الحكم الذاتي.

كيف يمكن حل التصدع واحتواء الازمة ؟

الأحداث خلفت قتلى وجرحى وحرق أماكن العبادة جراء الانفلات الأمني والاحتجاجات العارمة ، وعمقت الشرخ بين الحكومة وأنصار جوهر محمد وتعاظمت درجات الخشية من انفلات واسع يؤدي للاقتتال الداخلي الذي يدخل البلد في نفق مظلم ، ولحسن الحظ بدأت مساعي التحركات الدبلوماسية الداخلية من قبل زعماء الأحزاب المعارضة الاورومية وشيوخ القبائل والعشائر الاورومية “اباغدا ” لاحتواء الأزمة وقاموا بتوجيه النداء إلى الشباب أثناء اجتماعهم مع جوهر لضبط النفس . المساعي الداخلية كانت أولا لتهدئة الشعب الغاضب وثانيا للبحث عن حلول مرضية للتصدع السياسي بين قطبي اورومو . عموما ، يتوقع أن ينجحوا في مساعيهم ، لأن شيوخ اباغدا يعرفون بالمهارة والكفاءة في حل مشاكل مستعصية ببضع كلمات في مجتمعهم ، كما أن قرارتهم تحترم في المجتمع وتعتبر قرارات تشريعية غير قابلة للرفض ويحظون بمكانة مقدسة لدي المجتمع الاورومي . التدخل الاباغدي يعطي امالا لحل المعضلة ، خاصة فيما يتعلق بشأن قضية سحب الحراس في جنح الظلام وبدون اخبار جوهر التي كانت سببا للمظاهرات بإجراء تحقيق شفاف ، لكن هل يستطيعون إقناع أبي أحمد بالتراجع عن فكرة الاندماج التي تعتبر ام الخلاف ، ربما أبي أحمد سيتراحع عن الفكرة ، لكن بعد إجراء نقاشات عميقة وليس كما خطط له اي فرض امر الواقع بقرار متفرد ، وذلك لاعطاء قرار التراجع المفترض والمتوقع صبغة ديمقراطية ولكي يعتبر أنه تم اي إلغاء فكرة الاندماج بارادة الشعب وقيادات وأعضاء الاحزاب الإثيوبية لحفظ ماء وجهه .
والله اعلم

Comments

هنا تستطيع ان تترك تعليقا عبر حسابك في الفيسبوك دون إدخال الاميل او البيانات الخاصة بك

عن Shefa Alafari

شاهد أيضاً

تفوقت إثيوبيا على تنزانيا وأوغندا كوجهة استثمارية رئيسية لكينيا في الخارج.. سفاريكوم إثيوبيا تعين السفير الإثيوبي السابق في فرنسا مدير للشون الخارحية

  عينت سفاريكوم إثيوبيا السفير الإثيوبي السابق في فرنسا ، إينوك تفران ، مسؤولاً للشؤون …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.