فمن هو البديل؟

في مثل هذا اليوم من العام 2004 رحل عن عالمنا الزعيم الجيبوتي السيد أحمد ديني أحمد الذي تولي عدة مناصب في زمن الإستعمار،قبل أن يصبح أول رئيس وزراء بعد الإستقلال مباشرة.السيد أحمد ديني يعتبر من الشخصيات الجيبوتية النادرة في تاريخ جيبوتي،لأن أفكاره الثقافية والسياسية المتنوعة ونظم الحكم وأخلاقياته كان لها الآثر الكبير عند الجماهير الجيبوتية.وكان من أوائل الذين إنتقدو نظام غوليد في السبعينات ودفع الثمن غاليا وسجن.وكان ديني صاحب الإرادة الحازمة القوية فلم يكن يعبأ بالعقبات،وهكذا أخذ علي عاتقه مسؤولية قيادة الثورة(فرود) وترك لوطنه تاريخا حافلا من تضحيات ونضالات في مجال الدفاع عن حقوق المواطنين وبناء الدولة الديمقراطية التي تحترم جميع مواطنييها علي حد سواء.وفي التسعينات وصل صدي نضالاته الي الغرب كزعيم لثورة مسلحة وكسياسي ناضل لتحرير جيبوتي من الإستعمار الفرنسي الذي دام عقودا طويلة.وعندما أدرك أن القيادة التي تسلمت الحكم من الإدارة الفرنسية غير قادرة في تسيير البلاد قدم إستقالته ليخرج سالما من حكومة غوليد القبلية،وخروجه من الحكومة أدي به الي السجن كما أسلفت.وشعار ديني الدائم كان الإستعداد للتحاور مع النظام إستعدادا للحوار.وعلي هذا الأساس قبل الحوار مع نظام غيلي.وتمكن ديني من تصليب عود المعارضة فرود ووضع لها برنامجا سياسيا يعطي الأولوية للحوار قبل الحرب.رفض ديني التلون السياسي وأختار أن يكون وطنيا جيبوتيا بالكامل،لكن الذين كان يتعامل معهم ديني في داخل المؤسسة الحكومية لم يكونوا مثله،بل كانت القبلية لديهم أهم من كل شيئ،حتي أنهم كانوا يقدمونها علي الدين وما جاء به الكتاب والسنة..وهنا الفرق بين ديني وزملاءه في السلطة.وسيظل ديني زعيما في كتب التاريخ وفي الذاكرة الجماعية شئنا ذلك أم أبينا.وبإختصار،فإن ديني الذي أدار ظهره للسلطة حارب طويلا زيف الديكتاتورية والقبلية منحازا الي الوطن والمواطنيين.أما الوضع العفري في جمهورية جيبوتي أضعف مما كان عليه قبل الإستقلال،والدول الأفريقية بما فيه العالم العربي ساعد نظام غيلي ماليا وعسكريا،ولا شك أن دعمهم للنظام القبلي صب في مصلحة العشيرة التي بيدها مقاليد السلطة والقوة،وفي مقدمة هذه الدول دول النفط..والحسم مرهون بإرادة الشعب الجيبوتي وبقدرتهم علي التصدي لنظام غيلي والصمود أمامه قبل أن تتحول الجمهورية الجيبوتية الي جمهورية الصومال التي تتقاسمها القبائل والعشائر.والمجتمع الجيبوتي ما زال بحاجة الي آلة تنموية ضخمة كالميزانية العامة لإعادة توزيع الدخل وتحقيق تنمية متوازنة في أنحاء البلاد شمالا وغربا وجنوبا.وإذا ما رحل غيلي أو إستقال،فمن هو البديل؟هل سيحل محله رجل من عشيرة آل غيلي،أم أن العشيرة الحاكمة ستتنازل عن الحكم لتتيح الفرصة لغيرها؟وهل المجتمع العفر ما زال يثق بإخوانهم ”العيسي”أم أن الثقة لم تعد واردة بينهما بسبب الظلم الذي لحق بهم طوال 42 عاما؟إنها مجرد تساؤلات تدور صداها في مبارز القات وفي أوساط المعارضيين السياسيين الجيبوتيين في الداخل والخارج.وشخصيا لا أومن بأن يتحكم في الكرة لاعب واحد،وكأنه الوحيد في الملعب.فهناك لاعبين يمتلكون المهارة السياسية والمعرفية والعلمية والثقافية والأخلاقية لقيادة الوطن،فليس الأمر كما يتصور لاعب الأخضر الذي يري في نفسه كل الصفات..ولا أتصور أن هذا اللاعب المخضرم في نظر البعض قادر علي تحقيق المساواة والوحدة والعدالة بعد 42 عاما من القمع والظلم والقهر والعنصرية.وما كان غيلي كبر بهذا الحجم وأصبح ديناصورا لولا أخطاء القيادات العفرية المصنوعة من الورق.وفي الختام أترحم علي روح الزعيم أحمد ديني أحمد،وأسأل الله العلي القدير أن يسكنه في جنات تجري من تحتها الأنهار.

Comments

هنا تستطيع ان تترك تعليقا عبر حسابك في الفيسبوك دون إدخال الاميل او البيانات الخاصة بك

عن Ibarhim Ali

شاهد أيضاً

هناك أناس سمعوا،أن الوطن غالي فباعوه!

تخيل أن تكون شخصا غير مرغوب فيه،تخيل أن تكون شخصا ينتمي الي مجموعة ضعيفة، فقيرة،منبوذة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.