وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً.

لو فكر الإنسان بحجم المسؤولية التي وكلت اليه لما رضي بها ساعة.ومن لم يستغني عنها فعليه أن يكون عادلا بين الناس،وقاسيا علي نفسه الآمارة بالسوء،قبل أن تقوده الي الهلاك والخراب والعياذ بالله..ومعني ذلك أن المسؤولية صعبة ومخيفة.وكمثال رب العائلة يفكر بأولاده ليل نهار،وفي حالة خروجهم عن الدار يشتعل تفكيره ويقول: يا تري أين هما الآن؟وهل وصلوا الي مدرستهم بسلام؟ولا يرتاح باله قبل أن يعودا الي حضنه بآمان،وأثناء عودتهم الي الدار يشتغل علي طول،مرة ترآه في المطبخ،ومرة أخري ينهمك في غسل الآواني ثم يفكر في ترتيبها ورصها في الصفوف كما كانت،وهناك دروس ووجبات تنتظر الأطفال،وهناك هواتف لعينة تشغل بال الأطفال،وهناك أفلام يحرص الأطفال علي متابعتها أكثر من القراءة والكتابة.وعلي الأب أن يحدد متي تستعمل هذه الأدوات الملهية.إذن أين هي الراحة في المسؤولية؟ والمشكلة لا تقف عند هذا الحد،بل هي تتعدي كل ذلك،بل أنا وأنت لسنا جديرين بحمل هذه المسؤولية يا سيدي.لأننا من ذرية آدم عليه السلام.”وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً )ونحن مثله بشر،ونحمل نفس الجينات،نتعب بسرعة ونيئس بسرعة ونغضب بسرعة،ونحب بسرعة وننسي بسرعة وإذا غضب احدنا يتحول في ساعة غضبه الي عفريت لعين.وكل ذلك يتطلب منا التفكير بثقل المسؤولية.وإذا كان هذا هو حال الأب في منزله،ومع عائلته الصغيرة،فكيف سيكون حالك يا رئيس؟وكيف تستطيع أن تنام والمعلمين في السجن؟وكيف تستطيع أن تنام والناس جياع؟وكيف تقدر أن تفكر أصلا بالنوم وأنين المرضي يهز العرش؟وكيف تستطيع أن تأكل وشعبك يأكل من فضلات كبار القوم؟ وكيف تستطيع أن تنام في قصرك ودعاء المظلومين تخترق السماوات السبع،ونصف شعبك ينام في العراء؟لا أكل ولا شرب ولا عمل!ولا رعاية صحية.ومسؤولية الحاكم يا قومي،لا تقل عن مسؤولية الأب.هو بمثابة أب لكل مواطن ينتمي الي هذا الوطن،وهو بمثابة أم لكل مواطن يسكن فوق تراب هذا الوطن.وهل المسؤولية هو أن تحكم بدون أي إحساس بالمسؤولية؟وهل المسؤولية هو أن تتصرف كما تريد،دون أي مراعاة لمصالح العباد والوطن؟ المسؤولية صعبة وشاقة،ولا يسعي اليها الا الطغاة والمستبدين الذين غضب عليهم رب العباد.وفي الختام أقبل يديك يا سيدي،فقط لترحم لشعبك الذي كتب عليهم الظلم والسجن والفقر والطاعة.وعبدك الفقير يسلم عليك من بعيد.والمدرسين الستة المظلومين يقبلون أياديك،وفي ليلة البارحة أستيقظت من نومي علي حلم مزعج يا سيدي،فقد رأيت فيما يري النائم،سرادقة مخيفة.وفي السرداق جمع غفير من المظلومين،خيل الي أنني أعرفهم واحدا واحدا.شباب مكدودون،حفاة عراة،ويخيم علي وجوههم الشاحبة الذابلة قنوط وذعر.وهكذا يا سيدي أفقت ليلتي تلك وعويل أولئك الشباب يصم أذني،وقمت من فراشي ورحت أطير كالمجنون،أرحمهم يا سيدي الله يرحم والديك.آسف يا سيدي لم أكن أنوي إزعاجك..هذا والسلام ختام.

بقلم:إبراهيم علي

Comments

هنا تستطيع ان تترك تعليقا عبر حسابك في الفيسبوك دون إدخال الاميل او البيانات الخاصة بك

عن Ibarhim Ali

شاهد أيضاً

” كل عامٍ وأنتم أبطال الأمة المنصورين وفرسانها الأحرار “

مئةٌ واثنان وعشرون شهيدًا وستةً وخمسين جريحًا ، يكتبون بدمائهم الزكية وثيقة شرفًا وتضحيةً وفداءً …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.