أي وصف للشهيد عارف الزوكا لن يفيه حقه ،.وما الحل؟ #عارف_الزوكا!

✒️ فتحي بن لزرق

عن الرفيق الذي يمضي معك وإلى جانبك لايؤمن إلا بالله وبك، أختارك دون الناس، وضحى لأجلك ،وكان ذلك هو “عارف الزوكا” وذاك الرئيس (صالح) ، قصة رجلين من اليمن تعاهدا على الوفاء وأستشهدا عليه ..
رغم طول التاريخ وأحداثه إلا أنه نادرا ما منحنا قصص نادرة عن وفاء الرجال لبعضهم البعض وإخلاصهم وتضحياتهم،.

هكذا كتب الاعلامي / فتحي بن لزرق على جدار صفحته الرسمية فيس بوك وفاء الرجل لرفيقه الزعيم ، عاشا معاً وأيتشهدا معاً .
وإليكم قصة الكاتب ووفاء (الزوكا)

لساعات طويلة ظللت أبحث عن عنوان لمقالتي هذة، عن الشهيد عارف الزوكا ، جربت الكثير من الكلمات والأوصاف ، وضعت أمامي كوب شاي وارتشفت مرات ومرات على أمل أن أهتدي إلى وصف يمكن له ان ينصف الرجل فلم أجد.
كنت في مكتبي منذ الصباح بصحيفة “عدن الغد” أكتب سطر وأمحوه، ومع المساء قررت أن أكتب قبل أن يتملكني الفشل.
حارت الفكرة وتاهت وانساح الحبر هنا وهناك معلنا حالة تمرد غريبة وعجيبة وصاحت كل حواسي معلنة أن إي وصف للشهيد عارف الزوكا لن يفيه حقه .
سألت الحواس :” وما الحل؟
قال لي قلبي وأنا أستحضر صورة الرجل وذكرياته :” لن يفي عارف مقالا إلا بأسمه هكذا (عارف الزوكا) ووحده الأسم في تاريخ اليمن،. كان وسيظل نبراساً عظيماً، سيضرب اليمنيون المثل به لألف عام قادمة عن كل المُثل العظيمة والجليلة .
عن عارف الزوكا ورجولته وتضحياته سيكتب التاريخ فصلاً جديداً، عن وفاء الرجال للرجال،. ووفاء العهود للعهود والتقاء الأيادي ورفضها الفكاك عن بعضها وسيسمونه “وفاء عارف الزوكا”.
عن الرفيق الذي يمضي معك وإلى جانبك لايؤمن إلا بالله وبك، أختارك دون الناس، وضحى لأجلك ،وكان ذلك هو “عارف الزوكا” وذاك الرئيس (صالح) ، قصة رجلين من اليمن تعاهدا على الوفاء وأستشهدا عليه ..

– رغم طول التاريخ وأحداثه إلا أنه نادراً ما منحنا قصص نادرة ،عن وفاء الرجال لبعضهم البعض،وإخلاصهم وتضحياتهم ، امتلئت كتب التاريخ بالكثير من الخيبات والطعنات الغادرة والبيعة الأخيرة، لكن أوراق الوفاء قليلة وفي التاريخ اليمني سيكتب المؤرخون عن وفاء (عارف الزوكاء) للرفاق والإخوة والعهود والمواثيق وستزخر كتب التاريخ حتى أخرها عن عظمة الوفاء هذه ولن تفيه حقه .

– هل جربت أن تموت واقفا ؟
كالشجر حتى وأنت ميت يحسبك الناس واقفاً، كان هكذا عارف الزوكا ظل حياته كلها واقفاً لم ينحني قط حتى لحظة إستشهاده وإلى هذه اللحظة لايزال واقفاً ، سقط قاتلوه وسقط كل مناوئوه وسقط مخونوه ، ولايزال هو واقفاً شامخاً ..
– في اليمن سيحكي التاريخ عن رجل من الشمال اسمه (علي عبدالله صالح) وآخر من الجنوب اسمه (عارف الزوكا) التقيا يوم الـ22 من يوم 1990 ولم يفترقا قط ،(صالح )القادم من ريف الشمال وبساطته و(عارف) القادم من قلب الجنوب وشهامته وروحه “شبوة العظيمة” حيث يصنع الرجال على قارعة الطرقات وتلد النساء أطفال بشنبات، ويفرك الطفل شاربه ويقول لك معاهداً:” كلام بدو..
– (شبوة) التي تناطح الكون عزة وافتخاراً وعظمةً ، مال الناس فيها رجالهم ،.ومال الرجال كلمتهم ..

– عرف “عارف الزوكا” (علي عبدالله صالح) بينما كان الأخير يحكم اليمن من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها ،يملك القوة والنفوذ والأموال الطائلة ويحج اليمنيون كبرائهم وشيوخهم وقاداتهم لأجل نيل رضاه.. لالا كلمة واحدة منه .
وعاش “الزوكا” قريباً من (صالح )مثل الآلاف ،ممن عاهدوا (صالح )على الوفاء فخانوا ومثل الآلاف ممن أعلنوا إيمانهم (بصالح) وكفروا ممن خلت بهم الطرقات في أول منعطف ..
ومرت السنوات حتى جأت رياح خريف 2011 ، هزت الرياح دولة (صالح) فتساقط الآلاف من الرجال من حوله ..
– يا الله ما أفجع أن يفر الآلاف من حولك وأنت وسط ميدان المعركة شاهراً سيفك،. فتكتشف بين ليلة وضحاها أن كثيرك قليل، وأن مظاهر قوتك ضعف، وأن الأيادي التي حولك خاوية حد الفجيعة.
– كان المشهد يشبه مشهد سفينة التايتنك الغارقة والناس تهرع للنجدة بنفسها ، لا أحد يعرف حبيب ولا رفيق إلا نفسه.
(نفسي نفسي) كان هو شعار اللحظة وديدنها العظيم ..

– أمتلئت ساحات التغيير في صنعاء وغيرها من المناطق بالمئات من اللصوص والمرتزقة والنهابة،. وهم يعتلون المنصات ليتحدثوا عن الشرف والفضيلة .
التفت (صالح) و رأى بأم عينه والبلاد تنهار تحت طرقات مخربيها ومعاولهم ومع كل معول كان المئات من الرجال يخذلونه ويهربون ..
وهرب الكثير الكثير إلا “عارف الزوكا” وقلة من الرجال الذين التفوا حول (صالح) وهو لاحول له ولا قوة ، لم يعد صالح ذو مال ولاجاه ولا سلطان ، نزعوا أنيابه ومخالبه وحاولوا إغتياله ومافلحوا ..

– طويت صفحة صالح وعهده وقفز أشباه الرجال من مركبه وصعدوا مركب الثورة المزعومة ،.وبقي ثلة من الرجال يبتسمون في وجه (صالح ) كان (الزوكا) واحدا منهم .
– التفت صالح إلى ماتبقى من رجاله وقال :” وأنتم لماذا لاتهربون ؟ لم يتبق لدى شيء لا جاه لا سلطان لا مال ولا شي ..فلما البقاء؟ .
لم يكن لدى صالح شيء يمكن له أن يمنحه لمن تبق من الرجال حوله ..
ولم يكن لديهم شيء يمكن لهم أن يمنحوه إياه ،..إلا الوفاء ثم الوفاء ..
– كان وفاء الرجال للرجال، الإيمان بأن رجل ما يمثل لك الكثير وكان (عارف الزوكا) أحدهم ، لم يخذل (صالح ) قط ولم يخنه ولم يفكر للحظة واحدة بذلك.
عظمة الأشياء في الحياة ان يؤمن الرفاق ببعضهم البعض وأن يسيروا في طريق طويلة طويلة، لايفرقهم فيها إلا الموت كان ذلك هو عهد “الزوكا” (لصالح)..
سيكتب التاريخ عن وفاء (الزوكا) الكثير الكثير وسيشار بالبنان إلى عظمة التضحية وندرتها ،ستقول الأمهات لأبنائهن فيما هو قادم من السنين :” أحبني محبة (الزوكا لصالح) وسيقول القائد للجند لاتخذلوني وكونوا مثل عارف ..
“وعارف” القادم من الجنوب كان وحدوياً مؤتمرياً ماتغير قط ولا تبدل. ظلت له مبادئه وقيمه السياسية، لم يغيرها أبداً ولم يفكر حتى بذلك.
وعلى خلاف قيادات جنوبية كثيرة لم يفكر قط “الزوكا” بالمتاجرة بقضية الجنوب مثلما فعلت قيادات كثيرة :” قالها لهم واضحة أنا أحب (اليمن الكبير) وسأموت لأجله ومات الرجل بما يؤمن ، ليكتشف الجنوبيون بعد سنوات طويلة زيف قيادات كثيرة باتت تٌركل في مؤخراتها بما تيسر من مال مدنس، باعت القضية وخانت الدماء وداست على كل شيء..
ولو أن في الحراك الجنوبي رجال (كعارف) لكان تحقق الكثير الكثير .. لكن الأقدار شأت أن يكون الرجل وحدويا من كل اليمن ..

– ظل “الزوكا” إلى جانب (صالح) سنوات مابعد 2011 بمنزله في صنعاء لايملك من المال إلا مايسيّر به حياته على كثرتها.
يحكي لي رجل من شبوة أنه زار “الزوكا” قبل عام من مقتله فوجد بيئته مملئوا عن أخره بقادمين من كل المحافظات ممن تقطعت بهم السبل وحينما جاء موعد موعد الغذاء قدموا لهم القليل من الأرز والدجاج والخجل يكسو وجوه أفراد أسرته.
يقول الرجل طول طريقي إلى شبوة :” ظللت اسأل نفسي ما الذي يدفع الزوكا للبقاء في صنعاء على هذا الحال البائس ..؟
يصمت قليلا ويقول :” في الليلة التي إستشهد فيها (عارف؛ أدركت مايبقيه في صنعاء .. أنه الوفاء ولا شيء غيره وكلمة الرجال للرجال ..
– الرجال حينما تحبل من السنتها (وعارف) قالها كلمة ولن تسقط ..
وظل “الزوكا” إلى جانب (صالح )حتى مساء الـ 3 من ديسمبر 2017 حينما نالت منهم رصاصات الغدر الجبانة.
أنسكبت الدماء الجنوبية والشمالية على أرض صنعاء واختلطت، قبض عارف بيده على يد رفيقه وابتسم ..
وردد كلماته الأخيرة :” أخبرتك أنني لن أخذلك ثق بهذا..
– وبالجوار طافت رياح باردة أنحاء ساحة التغيير الخالية من كل شيء تسأل العابرين هنا قبل سنوات والواقفين هنا وهناك المتحدثين عن اليمن الجديد وفي البال سؤال وفي الحلق غصة :” إين أنتم إيها الجبناء؟
إين أنتم أيها الهاربون عن الوطن المتدثرون برداء الضعف والهوان ؟
أين هي وعودكم بفداء اليمن وأهلها؟ أين وأين وأين؟
وعبر هواتفهم النقالة تابع العشرات من الأنذال مايحدث في صنعاء من عواصم مختلفة ، باعوا البلد وفروا وخربوها وجبنوا..
وارتوت أرض صنعاء بدماء (صالح والزوكا) معلنة ومؤكدة أن عهداً جديداً بدأ ومعه ستشرق شمس يوماًجديداً لامحالة.

– الكتابة عن تضحية (عارف الزوكا) ووفائه صعبة للغاية ، تحتاج الكثير من مشاعر الأم الصادقة والمحبون للأوطان والمؤمنون بالرسل في مهدهم والمتقون لله ..
– الكتابة عن تضحية الرفاق الذين لايخونون في زمن الخيانة أمر بالغ الصعوبة وجلل.
هذا هو “عارف الزوكا” الرجل الذي آمن بالرجال فما باع ولا خان و لاقبض الثمن وآمن أن اليمن أكبر من الجميع ..
في ختام مقالي هذا أعترف أنني أبكي وأن أدمعي تحجب عني رؤية ماتبقى من أحرف لهذا المقال..
أنا أبكي هذه اللحظة وأقسم بالله أنني لا أبكي (صالح) ولا (عارف) ولكنني أبكي وطني، أبكي باب بيتي الذي لايمنحني أماناً ، أبكي وطناً باعه الأنذال في ساحات الردى ..أبكي ملايين المغتربين ،أبكي الواقفين على حواجز المطارات حول العالم من اليمنيين أبكي (اليمن الكبيرة) التي نتمنى لها أن تعود..
واتمنى ذلك..

#فتحي_بن_لزرق
3 ديسمبر 2018

Comments

هنا تستطيع ان تترك تعليقا عبر حسابك في الفيسبوك دون إدخال الاميل او البيانات الخاصة بك

عن المحرر المحرر

شاهد أيضاً

وزير دفاع حكومة صنعاء في زيارته الميدانية يخذر من العواقب إذا استمرت دول العدوان في جرائمها.

جريدة السلام – متابعات خاصة . قام وزير الدفاع في حكومة الانقاذ الوطني بصنعاء اللواء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.