إثيـوبيـــا.. أدوات الحـــــــرب والســــــــــلم بيــد النســــاء (1)

#جريدة_السلام  /شفا العفري

هاتفني  سفير إثيوبي سابق ، وصرح لي عن  سعادته الغامرة لتولى إمرأة وزارة الدفاع الإثيوبية. وأبلغني انه صار أشد فرحا حين علم ان وزيرة  الدفاع عائشة محمد ، هي من إقليم العفر. وتابع ” هذا الاقليم الذي طالما كان سدا منيعا بوجه الغزاة ومقبرة جماعية لجيوشهم، ويرجع له الفضل كون أن بلدي  اثيوبيا هي الدولة الوحيدة التي لم يطلها يد المستعمر في إفريقيا ” انتهى

بعد أن استتب الأمن واستقر الوضع لأبىُ أحمد رئيس الوزراء الاثيوبي، تمكن من تشكيل حكومة نالت استحسان المراقبين بعد أن قلص عدد الوزارت من 28 وزراة الى 20 وزارة فقط، منها  10 وزارات للنساء اي 50٪. والأهم من هذا كله أن الرجل كَسَرَ العديد من العُقد وتجاوزها بخفة حركة وذكاء وجرأة لا مثيل لها في تاريخ اثيوبيا الحديث. 

فقد جمع أدوات الحرب والسلام بيد نساء من الاقليات التي تشكوا التهميش، كالعفر والسلطي، وهن على التوالي عائشة محمد وزيرة الدفاع ، مفرحات كامل وزيرة السلام (الوزارة المستحدثة ويندرج تحتها جهاز الأمن) مسلمتان محجبتان !!!! ،  كما ذهبت الوزارة المالية لاحمد شدي من اقليم الصومال .

بهذه الحركة اللطيفة، بعث – في نظري- السيد ابي احمد، الرئيس الإصلاحي الجدير بهذا اللقب،  عدة رسائل اظنها وصلت للجهات المعنية، منها:

  1. اثيوبيا دولة  ديمقراطية بمعناه الحقيقي، حيث يتساوى الجميع، لا فضل للذكور على الإناث ولا لاقليم على اقليم او قومية او مذهب  على آخر. فبالطبع لم يكن الامر كذلك سابقا. وتجدر الاشارة الى أن هناك جهات تتمتع بشعبية ما، لا تستحسن مثل هذه الشعارات. لكن الرجل كسر شوكتهم قبل ان تتبرعم. وبالتأكيد هؤلاء ليسوا في افضل حالهم اليوم.
  2. اثيوبيا دولة مدنية ليست عسكرية ولا بوليسية. وبما أن وزراة الدفاع بيد عائشة من إقليم العفر والعفر ليسوا متنفذين بالجيش واغلب المتنفذين ورساء الفِرق والحاميات من اقليم تجراي. ومفرحات كامل  وزيرة السلام ( وزيرة الامن القومي ) وتشرف على جهاز المخابرات والأمن الوطني ( NISS ).  على ما  يبدوا ان رئيس الحكومة أبيُ يعتزم تشتيت مكامن القوى وسحب البساط من تحت قوى الشر ( ضباع النهار)، ولا انسى محاولة الانقلاب الغريبة  التي سبقت هذه التشكيلة  ووتصريحات أبي احمد امام البرلمان  حولها تزامنا مع تشيكل هذه الحكومة  والتصفيات التي طالت الاجهزة التي قيل انها كانت تمكن وراءه ، لا اخفى ان العميلة برمتها كانت غريبة بالنسبة لي ، وتعامل سيادة رئيس الوزراء الظريف مع الموقف كان اغرب ، مع ذلك وفّت بالغرض لازاحة بعض أحجار الشطرنج من طريق الفيل . 

إن اختيار هاتين الشخصيتن في هاتين الوزارتين بالتأكيد تطلب حسابات دقيقة وتفكير عميق . فان اختيار شخصية من إقليم أمهرا او الأورومو والتجراي كان كفيلا بإخلال التوازن خاصة في هذا التوقيت الصعب. الامهرا وألاورومو وهما القوميتين الأكثر عددا في اثيوبيا بتحالفهما تم تجاوز عقدة الوياني وسحب البساط من تحتهم ، لكن المناوشات الاخيرة بين انصار كل من G7 و OLF في اديس ابابا كشفت عوار التحالف, بين القوميتين. فإن إستئثار أحداهما على هذين المنصبين كان كفيلا بفسخ ما بقي من عرى التحالف ، والدولة العميقة كما نعلم خبيرة فى اللعب على القواعد في هذا الوحل، أما تجراي مستبعدة لاسباب معروفة. 

من هذا كله يبدوا ان أبي احمد يريد للمرأتين أن تكونا متنفذتين قويتين، يقظتين، على عكس ما روجت له بعض الجهات في محاولة  للتقليل من شأن هذا التحول وهذه المناصب لأمر في نفس يعقوب. 

الغريب في الأمر ان بعض هذه الرسائل التي بعثها رئيس الوزراء الإثيوبي إلتقطتها جهات غير معنية بها،  اصابها الأمر بكثير من القلق والريبة ، هذا ما سنتناوله في الجزء الثاني من هذا المقال بعون الله ترقبونا.. .. 

Comments

هنا تستطيع ان تترك تعليقا عبر حسابك في الفيسبوك دون إدخال الاميل او البيانات الخاصة بك

عن Shefa Alafari

شاهد أيضاً

تفوقت إثيوبيا على تنزانيا وأوغندا كوجهة استثمارية رئيسية لكينيا في الخارج.. سفاريكوم إثيوبيا تعين السفير الإثيوبي السابق في فرنسا مدير للشون الخارحية

  عينت سفاريكوم إثيوبيا السفير الإثيوبي السابق في فرنسا ، إينوك تفران ، مسؤولاً للشؤون …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.