من يستنعج تأكله الذئاب

هناك رواية في الأثر الصحيح،رواه أبو يعلى والطبراني عن أبي قبيل تقول: خطبنا معاوية في يوم جمعة فقال: إنما المال مالنا والفيء فيئنا، من شئنا أعطينا, ومن شئنا منعنا، فلم يرد عليه أحد، فلما كانت الجمعة الثانية قال مثل مقالته، فلم يرد عليه أحد، فلما كانت الجمعة الثالثة قال مثل مقالته، فقام إليه رجل ممن شهد المسجد فقال: كلا, بل المال مالنا والفيء فيئنا، من حال بيننا وبينه حاكمناه بأسيافنا، فلما صلى أمر بالرجل فأدخل عليه، فأجلسه معه على السرير، ثم أذن للناس فدخلوا عليه، ثم قال: أيها الناس, إني تكلمت في أول جمعة فلم يرد علي أحد، وفي الثانية فلم يرد علي أحد، فلما كانت الثالثة أحياني هذا أحياه الله، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سيأتي قوم يتكلمون, فلا يرد عليهم، يتقاحمون في النار تقاحم القردة ـ فخشيت أن يجعلني الله منهم، فلما رد هذا علي أحياني, أحياه الله، ورجوت أن لا يجعلني الله منهم.) بدأت أتفكر في هذا الحديث وأدركت كم نحن بعيدون عن ” الصدق ” مع أنفسنا أولا،ثم مع من بيدهم الأمر..وحرت في أمر شعوبنا التي تستقبل قادتها بالزهور والورود،وحتي الأنبياء والرسل لم يستقبلوا بهذه الطريقة التي نحن نستقبل بها القادة.أين المشكلة في إستقبالهم بالورود والزهور؟وهل المشكلة في الشعب الذي عود حاكمه علي الطاعة وتنفيذ كل ما جاء منه،أم المشكلة في شخص القائد الذي لا تروق له غير الطاعة؟المشكلة في الشعب الذي أدمن علي النفاق.يقول علي كرمه الله وجهه في نهج البلاغة في صفحة 385:ولقد قال لي رسول الله صلي الله عليه وسلم : إني لا أخاف علي أمتي مؤمنا ولا مشركا،أما المؤمن فيمنعه الله بإيمانه،وأما المشرك فيقمعه الله بشركه،ولكني أخاف عليكم كل منافق الجنان،عالم اللسان،يقول ما تعرفون،ويفعل ما تنكرون” والبعض منا ينظر الي القادة كما ينظرون الي الخالق سبحانه وتعالي يقولون عنه:أنه الواهب وأنه المانع،فنهرب من الحق اليه..يا إبن آدم لا تسخط الله برضي أحد من خلقه،فإن في الله خلفا من غيره،وليس من الله خلف في غيره..وإذا كان رزقك في التملق،إعلم أن رزقك بيد الله،ويرزقك من حيث لا تحتسب..ولم يقل الله سبحانه وتعالي ”تملقوا لترزقوا”بل قال:أدعوني أستجب لكم.والشعب في حضرة القائد لا يحلوا له غير الرقص والتملق والمديح،هو كل شيئ،هو المحب والحبيب،وهو السيد في طوق سر المحبة،هو الجمال صورة،والكمال سورة،وكأنه لم يخلق الا لكي يحكم ويطاع.. وهناك مثل دينماركي يقول : من يستنعج تأكله الذئاب”.وظاهرة التطبيل للقادة أصبح أمر طبيعي خاصة في العالم الإسلامي والإفريقي،لكننا يجب علينا مقاومة هذه الظاهرة التي ترفع قدر القائد الي أعلي العليين،حتي لا تأكلنا الذئاب..فهل يتحرر رجال الدين والقضاء والمعلمين والأطباء وأساتذة المعاهد ورجال الفن من هيمنة الأفكار الإستبدادية ليشاركوا في تنمية العقول وتوعية الأفكار وتصفية الأجواء،لنرتقي مثل الدول الديمقراطية التي تؤمن بالتعددية الحزبية؟فهل نفعل ذلك؟ليقول الحاكم فيما بعد أحياني شعبي،أحياه الله؟إذا التملق مرفوض،والحق يقال..وجمعة مباركة.

إبراهيم علي

Comments

هنا تستطيع ان تترك تعليقا عبر حسابك في الفيسبوك دون إدخال الاميل او البيانات الخاصة بك

عن Ibarhim Ali

شاهد أيضاً

أنين المآسي في غزة . واستشعارها في صنعاء.

– الحرب غيرت وجه قطاع غزة إلى دمار شامل.. فأنين الجوع يدمي القلوب في غزة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.