الكاتب / انور ابراهيم

أرتر رامبو والعشق الهرري.. مقال

بقلم انور ابراهيم (كاتب اثيوبي)

اثيوبيا –اديس اببا

تعتبر شخصية ارتر رامبو ،من الشخصيات الغريبة ،والتي استطاعت ان تعشق مدينة هرر في شرق اثيوبيا ،وبالرغم من ان تلك الفترة، كان من الصعب ان يعيش فيها اجنبي ،وخاصة من غير المسلمين ،الا انه في البدء تنكر في شخصية تاجر من المسملين الرحالة ،ودخل والمدينة في العام 1880 م ،وعاش فيها حتي العام 1891 م، وكانت هرر في تلك الفترة تحت الاحتلال المصر والتركي ،عقب وصول حملة محمد رؤوف باشا (الحكم التركي المصري )من مصوع الى هرر عبر البحر الاحمر ،واستاجر احد المنازل للاقامة فيها ،ومازال المنزل موجودا حتي الان ، وعمل رامبو في التجارة والتصوير وخاصة تجارة الاسلحة التي اكسبته شهرة كبيرة .

علاقات رامبو

وكانت لارتر رامبو علاقة جيدة بالملوك والامراء ،في المدينة التاريخية ،ويعتبر ارتر رامبو من اميز الشعراء الفرنسيين ،وعندما جلس لفترة طويلة في هرر ارسل طالبا من والدته ،ان ترسل له كاميرا فتوغرافية، واقتعها بانها قد تحقق له ارباحا كثيرة، وعندما حصل على الكاميرا قام بتصوير ثمانية لقطات بالالون الاسود والابيض ،واللقطات الثمانية موجود في المتحف الان في مدينة هرر ،واغلبها كانت بحالة غير جيدة ، وذلك نسبة لصعوبة تحميض الفيلم في تلك الفترة ،وبعد فترة قام ببيع الكاميرا ، بعد ان تراكمت عليه الديون جراء عيشه في هرر .

بالقرب من وسط المدينة المسورة داخل حصن جغول ، يوجدا منزل كبير سمى بيت رامبو او كما يحب ان يسميه السكان المحليين( رامبوا هاوس ) ،وهو من اهم المتاحف في مدينة هرر ، والان هو يعتبر اكبر متحف مخصص للشاعر آرثر رامبو ،مع سلسلة من لوحاته وصوره ،التي قام بالتقاطها ،وبعض الكتب باللغة الفرنسية والانجليزية عن حياته .

ولفترة من الزمن، كان المنزل ملكا لتاجر هندي ، وقد بني بطريقة معمارية جذابة وفريدة من نوعها ،تجمع مابين الحداثة والعراقة والفن الاسلامي ،وهو عبارة عن تحفة فنية رائعة ،بني على موقع المنزل الذي كان يعيش فيه في وقت سابق الشاعر والمصور ارتر رامبو ،وعندما قام التاجر الهندي ببناء المنزل وضع فيه بعض اللمسات الهندية ،مثل صورة منحوته للفيل في الباب الضخم ،المنحوت من الخشب وفي مدخل المنزل ، وقام التاجر الهندي بيع المنزل للاسرة الحاكمة ، عقب تراكم الديون عليه ورجع عائدا لبلاده ،ومازالت الغرفة التي عاش فيها رامبو ،كما هي لم تتغير ،والتي توجد في اعلى مدخل المتحف ،ولفترة من الزمن كان المنزل عبارة عن معهد لتدريس اللغة الفرنسية في منطقة هرر، ودرس فيه العديد من كبار الشخصيات مثل الامبراطور هيلي سلاسي .

ويضم المنزل طابقين ،في الطابق الارضي مكتبة كبري ،تضم مختلف انواع الكتب الادبية والثقافية والسياسية والتاريخية ، وكتب اللغات المختلفة ويغلب عليها الفرنسية،و هناك معرضا للصور الفوتوغرافية في الطابق العلوي من المنزل الذي اصبح متحفا ضخما يقصده الزوار.

ووضع في الطابق العلوي عدد كبير من الصور لمواطني المنطقة من الرجال والنساء في فترات متفاوتة من الزمن والتي تعكس التعايش والتسامح في تلك المدينة والازياء العشبية لكل القبائل التي تعيش في تلك المنطقة ولوحات تشكيلية .

خلال اقامة رامبو في هرر ،في فترة ال11 عاما حسب بعض المصادر ،انه كان قد تزوج من احدي الاثيوبيات ،وعاشا مع بعضهما حوالى 6 اعوام ، ولكن لم تعرف الاسباب التي ادت لانفصالهما عن بعض، وحسب بعض المصادر ان المراة كانت تسمي مريم ،وهي من سكان هرر ،ولم تذكر المصادر اي معلومة اخري عنها .

حب رامبو لهرر

كان رامبو قد احب هرر اكثر من اي مكان عاش فيه من قبل ،وكان يخدث نفسه عن سر هذا العشق ، ويتحدث ارتر اللغات العربية والفرنسية والارومية والامهرية ،واعتبر في فترة من الوقت من اكثر سكان المدينة شهرة ،جاء الى اثيوبيا وهو في سن ال 26 بعد أن اتخذ قرار التوقف عن الكتابة ،والانتقال إلى مهنة اخري هي ،السفر والبحث عن المغامرة والتجارة ،باعتبارها مهنة بديلة ونجح فيها بصورة كبيرة ،وعمل في عدد من المهن مثل التجارة وخاصة تجارة الاسلحة ،الشئ الذي خلق له علاقات واسعة مع الامراء وكبار الشخصيات في المدينة ، حتي قيل انه كانت تجمعه علاقة بالامبراطور منليك نفسه عندما كانت العاصمة انكوبر.

وعندما عاد لبلاد كان مريضا ،ولم يتشافي من المرض فقرر الجلوس والتفرغ لكتابة ماشاهده في هرر ، ولكن عشق هرر في داخله كان هاجسا له ،فكان يتعجب من سر هذا العشق ،وهذا ماذكره في عدد كبير من كتاباته ،والتي جمعها عقب عودته كانت من اكثر الكتب التي تقرأ في تلك الفترة ،وفي احدي صوره الشخصية، كان واقفا وواضعا يرده على احدي رجليه والتي اصيبت بمرض فيما بعد ، وهذا ماتحدث عنه هو وبعض الكتاب موخرا بانه كان يحس بمرض ما ، وحاول رامبو العودة عدة مرات الى هرر ولكن مرضه منعه من العودة نسبة لبعد المسافة .

اصدر رامبو عدد كبير من الكتب ،والتي تحدث فيها عن رحلاته لهرر، وعدد من المناطق الافريقية ،ولكن عيشة في هرر كان ياخذ الحيز الاكبر ،وهذا ماعكسه في معظم كتاباته ،وهنالك كتب لكتاب اخرين تتحدث عن رامبو ،وكيفية تعايشة في هرر من كل الاجناس ،وماكان يتحدث عنه من حياة المدينة في تلك الفترة ،وطبيعة حياة الناس في هرر.

Comments

هنا تستطيع ان تترك تعليقا عبر حسابك في الفيسبوك دون إدخال الاميل او البيانات الخاصة بك

عن Shefa Alafari

شاهد أيضاً

تفوقت إثيوبيا على تنزانيا وأوغندا كوجهة استثمارية رئيسية لكينيا في الخارج.. سفاريكوم إثيوبيا تعين السفير الإثيوبي السابق في فرنسا مدير للشون الخارحية

  عينت سفاريكوم إثيوبيا السفير الإثيوبي السابق في فرنسا ، إينوك تفران ، مسؤولاً للشؤون …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.