ولمن ستكون الغلبة في الشهور المقبلة في جيبوتي،للنظام أم للشعب؟

لقيته أول مرة في عام 1994 في مدينة نيشوبينغ الواقعة في جنوب السويد،وكنت أسمع عنه عن الزملاء في الثمانينات،هذا الإنسان المناضل العظيم حلو الشمائل،المثقف الحامل لهموم أمته،ولا يتناول سيرة الناس لغرض الإساءة اليهم.إنسان صادق الإخوة،غزير المعرفة،ومنذ أربعين عاما يعيش في فرنسا مع زوجته وأولاده،عود نفسه علي كل شيئ بسيط،تراه يلبس كصوفي متعبد في صومعته،وكذلك تراه يأكل في المطاعم الشعبية العادية بين الأصدقاء،وهذا من مقومات جاذبيته التي يحسها كل من إقترب عن عالمه.لكن ماذا يفعل هذا الرجل في فرنسا ولماذا لا يعود الي وطنه مثل غيره من الجيبوتيين؟وعندما عاد الي الوطن في الثمانينات لم يكن في موضع ترحيب وتكريم،بل كانت تطارده المخابرات صباح مساء،ولم تنجح السلطات الجيبوتية في إصطياد كداعمي الصامد،ولم تنجح في توظيفه علي حساب قضية العفر..ونجحت حكومة جيبوتي في إدراج إسم محمد كداعمي علي لائحة كبار المطلوبين في التسعينات،ولم تتردد جيبوتي في إقناع دول الجوار في القبض علي كداعمي في حالة دخوله الي إثيوبيا أو اليمن أو الصومال،وفي نهاية المطاف قبض عليه في أحد الأحياء الشعبية الإثيوبية،ومن هناك إقتادوه وهو معصوم العينين وموثق اليدين برفقة زوجته الحامل برا مع مجموعة عفرية مناضلة ورموهم في سجن جبوت بتهمة الإنتماء الي عصابة تحمل السلاح وتعادي النظام..وحينها تحدثت حكومة غوليد عن إلإنتصار.فكداعمي هو العدو الرقم واحد منذ ثلاثون عاما،وهو مفجر الثورة التي كان يرأسها المناضل الراحل السيد أحمد ديني ،وكان إحتفال جمهورية جيبوتي بالقبض علي كداعمي يشبه محاولة القضاء علي الثورة العفرية ( فرود ) ولكن ذلك لم يتحقق كما كان يتوقع الساسة في الساحة الجيبوتية..صحيح ان جبهة فرود تلقت ضربة قوية اربكت قيادتها لبعض الوقت،وصحيح ان الجبهة حرمت عن الحركة في دول الجوار إثيوبيا واليمن،وهذا يدل علي ان نظام جيبوتي جرب كل الوسائل للقضاء علي الإنسان العفري وحقه،ولكن ذلك لم يتحقق لحد الساعة.وهل هناك سياسة أخري غير سياسة الإعتقالات والإغتيالات في جيبوتي؟وما الذي ينوي القيام به سيادة الرئيس إسماعيل عمر غيلي في الشهور المقبلة؟هذا هو السؤال.هل ينطلق من موقع القوة الذي يمتلكه كرئيس دولة،أم أنه سيفكر في تسوية سلمية تؤدي الي السلام الحقيقي بين المعارضة والنظام؟ ومهما كانت قوة النظام الجيبوتي،سيبقي كداعمي لغزا،فالثورة العفرية ما زالت في مواقفها وهناك ارادة شبابية تلفت النظر،وهناك استعداد للتضحية بحياتهم دفاعا عن القضية وزد في ذلك حماسة الجماهير الجيبوتية الرافضة للظلم والإستبداد في الداخل.ولمن ستكون الغلبة في الشهور المقبلة في جيبوتي،للنظام أم للشعب؟وكم لدينا من أمثال كداعمي ليستمر الكفاح والنضال في الساحة الجيبوتية؟إن إعتقال المعارضيين السياسيين وحجزهم لآماد طويلة دون توجيه أي تهمة اليهم وإحالتهم الي المحاكم نهج معتاد للسلطات الجيبوتية،فالإعتقال يتم دائما دون أمر من جهة قضائية مختصة كما تنص القوانيين الجيبوتية بما فيها الدستور والوثائق الدولية.فبالرغم من ان الدستور الجيبوتي يمنع حجز أي مواطن دون تقديمه للمحاكمة أكثر من ثلاثة يوم،الا ان هذا القانون بقي مجرد حبر علي الورق.إن الإعتقال كما بينا آنفا،عدا كونه يتم دون أمر قضاء،فإن المعتقلين محرومون من حق توكيل محامي وحق الرجوع الي القضاء في الشكوي وطلب التعويض حسب ما تقتضي به القوانيين الجيبوتية والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.فسجون جيبوتي الآن ملأي بعشرات من المعارضيين السياسيين المعتقليين والمحتجزيين وعلي رأسهم المناضل الكبير محمد أحمد المعروف بالجبهة،والسيد محمد جوهر حمدو والسيد موسي يوسف بدول الذي قبض عليه في أطرف منطقة عسل عام 2015,والسيد عبده أحمد عثمان والسيد محمد بوري،والسيد علي حسين علي والسيد قدر محمد أيداحس والسيد محمد علي حسك والسيد عبدالقادر علي حلي،ولا ننسي أن نذكر رئيس رابطة حقوق الإنسان الجيبوتية السيد عمر علي عوادو والسيد نجيب علي وهناك أيضا جامع حسين  روبلي من حزب  M.R.D. إن امثال هذه التجاوزات لا يمكن ان تعود الا بالضرر الأكيد علي الجانبين وتتعارض علي مع مبادئ حقوق الإنسان،وتلحق المزيد من الضرر بجمهورية جيبوتي علي الصعيد الخارجي لأنها تعزز مواقع الأوساط الدولية التي تهتم بحقوق الإنسان،بالإضافة الي تأثيراتها السلبية علي الأمن والإستقرار .وفي الختام أختم كلمتي، بمقولة السيدة دانيال ميتران حيث تقول : إذا كنت ثوريا حقيقيا فعليك الا تخاف السجن علي غرار نلسون مانديلا الذي قضي في السجن 25 عاما.

 

إبراهيم علي

Comments

هنا تستطيع ان تترك تعليقا عبر حسابك في الفيسبوك دون إدخال الاميل او البيانات الخاصة بك

عن Ibarhim Ali

شاهد أيضاً

أنين المآسي في غزة . واستشعارها في صنعاء.

– الحرب غيرت وجه قطاع غزة إلى دمار شامل.. فأنين الجوع يدمي القلوب في غزة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.