شفا العفري

ما أشبه الليلة بالبارحة !

مازلنا نتذكرالنسخة العربية لمعاهدة سايكس بيكو التي تمت عام 1916 م بعد أن ضعفت الدولة العثمانية ونجاح الغرب في عزل السلطان عبد الحميد الثاني ، وذلك عندما جلس شيخان من شيوخ أوروبا الشيخ سير مارك سايكس ممثل بريطانيا، والشيخ مسيو جورج بيكو ممثل فرنسا في خيمة عربية يخطان خطوطا مبهمة على خريطة بدائية كانت بحوزتهما خاصة بدول الشرق وخرجا باتفاق يقضي بتقسيم كعكة الأقطار العربية بين دولتيهما وكان اتفاقا سريا لا علم للعرب أصحاب الأرض به على الرغم من كونهم حلفاء لفرنسا وبريطانيا في الحرب على الدولة العثمانية . و قبل هذه المعاهدة المشؤومة بعقود قليلة كان يدور صراع قوي بين تلك الدولتين بالإضافة إلى إيطاليا حول النفوذ علي دول باب المندب بضفتيه والسيطرة عليها . حيث كانت بريطانيا تتحكم بميناء عدن في الضفة الشرقية بينما إيطاليا وفرنسا كانتا تتصارعان في الضفة الغربية بعدما استولت فرنسا على إقليم ابخ (جيبوتي حاليا ) وهي الضفة الغربية لباب المندب بينما الطليان سارعوا إلى السيطرة على إقليم عصب اصبح جزأ من ارتريا في الوقت الراهن ، و الذي لم يكن بعيدا عن باب المندب . الأمر الذي دفع ببريطانيا أن تعقد اتفاقا مع فرنسا ، و بموجب هذا الاتفاق استولت بريطانيا على جزء من الصومال الذي أسمته ( الصومال البريطاني ) مماجعل إيطاليا تلتف عليهما فاستولت على الجزء الجنوبي من الصومال الذي سمي فيما بعد ب( الصومال الايطالي.). وقد حدث كل ذلك في العقد الأخير من القرن التاسع عشر بينما كان أصحاب الاراضي الشرعيين لا يدرون بما يحاك لهم دون أن تأبه دول الاستعمار بحقهم الشرعي بالسيطرة على هذه الأرض وجني ثمار خيراتها والاستفادة من موقعها الحغرافي الممتاز ، وكان المنطق الوحيد لهذه الدول الاستعمارية للسيطرة على أرض الشعوب المغلوبة على أمرها هو منطق القوة ولاشيء سواه ، ولم تكتف هذه الدول الاستعمارية بالسيطرة على الأرض بل عملت أحيانا على تغيير أسماء بعض المناطق كما فعلت فرنسا بإقليم إبخ العفري  ، بعد أن قامت بتوسعته في اتجاه الجنوب حتى جزر جبوت ، ومن ثم تمليكه لمن لا يستحق من قبائل العيسى الصومالية . ويعود ذلك يعود إلى إخفاق فرنسا في انتزاع شرعية أصحاب الأرض الحقيقيين من العفر وكانت هذه الشرعية متمثلة بسلطان تاجورة الذي رفض سيطرة فرنسا الكلي على اراضي السلطنة. ومالم تفلح به فرنسا مع سلطنة تاجورة فلحت به مع في الزيلع من خلال اجتماع زيلع المنعقد سنة سنة 1896 م والذي بموجبه تم اعتراف قبائل العيسى بأحقية فرنسا بالسيطرة على الإقليم ، الأمر الذي دفع بالمستعمر الفرنسي أن يسميه ( إقليم الصومال الفرنسي ) . نكاية بسلطان تاجورة العفري ومتجاهلة حقيقة ان ٨٧٪ من مساحة الإقليم تقطنه قبائل العفر غير الصومالية . أما اليوم فمن عجائب القدر أن نشاهد صراعا متجددا من ذلك النوع في نفس المنطقة ، لكن هذه المرة عن طريق دول عربية نيابة عن الغرب تتصدرها السعودية والإمارات . وهما الدولتان الخليجتان اللتان تشنان حربا بلاهوادة علي اليمن تحت ذريعة اعادة الشرعية، بينما نرى هذه الشرعية قد دخلت في صراع مسلح بين أجنحتها المختلفة في منطقة عدن . وحقيقة ما يحصل في عدن لايتعدى أن يكون صراع نفوذ على أهم المواقع الاستراتيجية في جنوب البحر الأحمر ، لكن الأمر الذي يدعو إلى الاستغراب ، أن هذا الصراع بين أطراف التحالف قد طفا علي السطح قبل اوانه بعد أن كنا نتساءل عما سوف يؤول اليه الوضع في اليمن في حالة السيطرة عليه من قبل من يسمون انفسهم دعاة الشرعية بعد تدمير كل بناه التحتية . وهذا الصراع كان متوقعا عند كثير من المحللين والمتابعين لمايدور في اليمن من قبل الحرب ومن بعدها نتيجة التناقضات والتبيانات التي تحيط بالموقف اليمني ، لكن الذي يدعو إلى الاندهاش هو عامل السرعة الذي دفع بماكان تحت السطح إلى الانفجار ، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن اللعبة هي لعبة الكبار الدوليين الذين يديرون لعبة النفوذ في المنطفة من وراء الكواليس . فما أشبه اليوم بالبارحة .! واللبيب تكفيه الإشارة . ولكن لنا أن نتساءل : وماذا بعد عدن ؟ هذا ماسنجيب عليه في الجزء الثاني من المقال إن شاء الله .

بقلم / شفا العفري

Comments

هنا تستطيع ان تترك تعليقا عبر حسابك في الفيسبوك دون إدخال الاميل او البيانات الخاصة بك

عن Shefa Alafari

شاهد أيضاً

تفوقت إثيوبيا على تنزانيا وأوغندا كوجهة استثمارية رئيسية لكينيا في الخارج.. سفاريكوم إثيوبيا تعين السفير الإثيوبي السابق في فرنسا مدير للشون الخارحية

  عينت سفاريكوم إثيوبيا السفير الإثيوبي السابق في فرنسا ، إينوك تفران ، مسؤولاً للشؤون …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.