مالذي بقيى اذا ؟
في لحظة ميلادي إستفقت على الزغاريد ، ولمحت الفرحة والسرور على المحايا . وجدت ترحيبا بالغا من سكان عالمي الجديد . ثم علمت اني ولدت من قبيلة معروفة في محيطها ، تسكن في ارض تقبع فيه من الثروات ما يشغلنا عما في ايدي الاخرين . مهمتي التي كلفت بها منذ ولادتي هي الذود عما نملكه من دون كلل ولا ملل ، تلك مهمة كلفتني بها ادارة مدينتي .
— “يا لصبية هذا الزمان !!! تتعاظم احلامهم قبل الفطام ” كان ذلك قولك حينها
أكان تعجب ام تهكم ؟ ربما ادرك كنهه الان
— قلدوه قدرا مختارا ومنتقيا من (بوحتو)— وهي هياكل قواقع صغيرة وجميلة يتقلدها الصبي منذ والولدة ويربطونها حول عنق من يتوسمون به الفطنة – “لعله يكون عالما ينتفع بنا وننتفع به ، وربما يكون حاميا لوطننا ” قال احد الشيوخ الحكماء الذي كان حاضرا .
. وحينما كبرت وتعلمت ، ابتلعتني الحياة باسرارها . وارسلت السماء الرهمة دون جود وازداد الوضع سوءا حيث اسكن واقيم . بعض اهلي كانو يتضرعون ويستسقون ، لكن لم يكن في حسبانهم ما للمطر من اضرار كما له منافع .
–جميل ان تدعوا الله ليغيثكم لكن الا تدعونه ليجنبكم سوءه ألا يجدر بنا ان نكون على استعداد لما يمكن ان يجلبه المطر معه من سيول و برد وامراض ” قال احد الحكماء . لم ياخذ احد من نصيحته عبرا ، فقد وقع الفأس بالراس بعد ميلاد العروس .
لكني اتساءل
تلك الفرحة والسرور وتلك الزغاريد التي سمعتها يوم ميلادي لماذا لا ارى لها اثرا في حياتي الان ؟. اين ذلك الغيث الذي بشرونا به ؟ وهل بقيى ما لم نذوقه من المرارة ؟
ما تركتم الفطيم يتترعرع في حضن والدته ، اقحمتموه في المعركة التي لم تدر اصلا ، ولم يرجع جيشها الي سكنته.
ذلك الشاب الذي عقدنا عليه الامل ، عقلتموه وعقدتم لسانه ، ومازلنا مذهولين من ذلك
البحر !!! ذلك المنهل الذي يجود دون حساب ، صرفتموه على غيرنا ومازلنا في الركن واقفين
ما املكه هو ملكي ، وما تملكونه هو ايضا ملكي ” ذلك كان شعارك ، فتركتنا غذءا للاسماك في قاع البحر، مرمى للقنص بين الأودية ليتغذى الضبع على جثاميننا
اخبرناك مرارا اننا بحاجة الى ان تنتزعنا من ظلمة الجهل ، فوليت دبرك عنا ، فعاودنا! وعملت مثل ذلك .
اخبرناك ان اطفالنا ، ونساؤنا وامهاتنا يعانون من البؤس ،” دعهم يموتون ” ذلك كان جوابك – لا تنتظروا الرحمة مني .
مالذي بقيى اذا ؟ ما ابقيت في جعبتك قولا حادا ولا وصفا مقدحا لا ومنحتنا ايها .
مالذي بقيى اذا ؟ انا ، انا ذلك الفتي الذي زغرتم يوم ميلاده .. اه اه اموت خجلا حين اذكر ذلك . وأبكي بحرقة حين اكتب عنها .
مالذي بقيى اذا ؟
مالذي بقيى اذا ؟
مالذي بقيى اذا ؟
بقلم/ ابراهيم احمد ياسين
ترجمة جريدة السلام من العفرية
الرهمة : مطر خفيف