شفا العفري

مداهمات …… شيخ وراحلة وكيس

يحكى ان شيخا صالحا طلب من رجل من اهل البادية ان يحمل معه له كيسا من الذرة الى وجهته التي  كان يقصدها الرجل  وكان معه راحلة ، فاعتذر له الرجل وابلغه ان ذلك فوق طاقته كونه وحيدا والوجهة تبعد من المكان بضع ليالي ،( فاقتضى العرف في البادية  ان الراحلة وصاحبها يأخذان قسطا من الراحة بين الفين والاخرى،  فيترك الراحلة ترعى بينما ياخذ صاحبه غفوة من النوم افإذا اراد ربطها من جديد يحتاج الى مساعد لكي يناوله الشطان ويربط معه المتاع على ظهر الجمل بالاخص حين يكون على جانبي الراحلة بضاعة ثقيلة ). فالرجل شرح للشيخ الصالح الوضع وإعتذر، ولكن كان للشيخ حاجة ملحة لتوصيل هذا المتاع الى اهله الذين يسكنون حيث وجهة صاحبنا صاحب الجمل ، لذلك قال له يا عبد الله  احملها وانا سوف اتضرع  وأدعو لك الله حتى لاتواجهك المشقة في الطريق -فالشيخ كان من الصالحين المشهود لهم بالتقى والورع  والولاية كان وليا من اولياد الله الصالحين- . رد عليه صاحب الراحلة  وقال اذا كان كذلك يا شيخى سوف احملها لك،  فهب على طرف الجونية” الكيس ” وحملها حينها هم الشيخ ان يساعده فانحنى  ليمسك الطرف الاخر من الكيس حتى يضعاها على ظهر الراحلة، إلا ان صاحب الجمل منعه من ذلك قائلا يا شيخ تضرع لى حتى ترفع دعاؤك طرفا بينما انا احمل  الطرف الآخر .  فتجهم وجه الشيخ  ، لكن صاحبا اضاف وقال صدقني يا شيخي ” لن تفعل دعاؤك في غيابك مالم تفعله بحضورك” انتهى.

هذه قصة حقيقية تتداولها الالسن على سبيل التظارف، وقعت في ارعتا وهي تقع في دنكاليا  بارتريا حاليا . وصاحب المقولة رجل مشهور بالطرائف  تنسب اليه نوادر كثيرة ، تُحَفز بها االعقول وتلطف بها المجالس.  بهذه الحكاية التهكمية الساخرة اعطانا  درسا عظيما عن معنى التوكل امتثل تماما بقول سيدنا عليه افضل الصلاة والسلام حيث قال “إعقلها وتوكل ” .

عندما حملت ستنا مريم (عليهاالسلام ) بسيدنا المسيح (عليه السلام)  اعتزلت البشر وركنت الى الفلاة لم يكن بقربتها قوتها ، فأمرها ربها عز وجل  “وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا” سورة مريم/25  . تأمل معي  أنّى لإمرأة حاملٍ تتلوى فى ألم المخاض  ان تهز نخلة شهقاء بيديها الحانيتين  ليسقط الرطب .  الشاهد من كل ذلك هو ضرورة الاخذ بالاسباب و الاستعداد النفسي والفعلي وإلارداة والرغبة . فالسماء لا تمطر ذهبا ولا فضة . يجب ان نمتلك الارادة للتنقيب والادوات للتنفيذ  كي نستعيد كنوزنا المفقودة .

أما أن ننتظر الفرج من الله  متضرعين و نحن  مستسلمون  و مستلقون دون حراك  فذلكم  تواكل  غير محمود . فلن يأتينا الفرج ضاربا القوانين الطبيعية التي سنها الله عز وجل  عرض الحائط “وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ ” [ سورة التوبة: 105 ]  ونقول  ” وَما نَيلُ المَطالِبِ بِالتَمَنّي” “وَلَكِن تُؤخَذُ الدُنيا غِلابا” امير الشعراء احمد شوقي .

  اذا فالنلحق بالركب يا قومنا ولا نكن من المودعين ……. فهل نطيق وداعا ؟

شفا العفري

Comments

هنا تستطيع ان تترك تعليقا عبر حسابك في الفيسبوك دون إدخال الاميل او البيانات الخاصة بك

عن Shefa Alafari

شاهد أيضاً

تفوقت إثيوبيا على تنزانيا وأوغندا كوجهة استثمارية رئيسية لكينيا في الخارج.. سفاريكوم إثيوبيا تعين السفير الإثيوبي السابق في فرنسا مدير للشون الخارحية

  عينت سفاريكوم إثيوبيا السفير الإثيوبي السابق في فرنسا ، إينوك تفران ، مسؤولاً للشؤون …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.