من اليمين محمد فردا،قاسم احمد ديني،وقاسم علي ديني عام 1976 في مقديشو

ثوب النفاق يشف عما تحته ** فإذا التحفت به فإنك عاري.

 في الأسابيع الماضية أقيم حفل التكريم والتعظيم في جمهورية جيبوتي لكل من هب ودب من الفنانين المحسوبين علي النظام.ورغم كل ما جري هناك سيظل شاعرنا الكبير الأستاذ محمد أحمد فردا من الأسماء البارزة في عالم الفن،سواء حصل علي الجوائز أو لم يحصل عليها.ولم تعد للجوائز قيمة أصلا إن لن يحصل عليها أمثال فردا.فهو الوحيد الذي حرص علي قيم الفن في جمهورية جيبوتي،في زمن تحول فيه الشعراء والفنانين الي ”مداحين” في قصر السلطان،وإستطاع فردا أن ينجز عبر مشواره الفني الطويل العديد من القصائد البديعة الهامة في مسيرته الشعرية،ويعتبر فردا من أفضل الشعراء،ومع ذلك لم تمنح له جائزة في جيبوتي،بينما حصد غيره من الفنانين جوائز تمنحها الدولة للشعراء المؤيدين للنظام.وأنا لست مستغربا علي الحاكم الذي يجند الشعراء ليسخرهم لخدمته،بقدر ما أستغرب علي الفنان الذي آمن حقا بأن الحاكم يستحق المديح.والذين يعرفون فردا يقولون عنه أنه نابغة أظهر ميوله الي الفن في صباه،وسرعان ما تحولت الهواية بمرور الوقت الي متعة وإحتراف.وكان دوما علي صلة بالفضاء الإجتماعي والمناخ السياسي،وصار يستشف من خلاله هواجس الإنسان العفري وصراعه ضد العنف والعسف،وظل منتميا الي جذوره التاريخية وأصالة الفن العفري الذي ورثه من الفنانين الكبار محمد علي طلحة وأحمد لعدة وشيخ أحمد، وهارون داود، ومحمد علي عمر المعروف بسكرو، وهارون علي شيخ.وعادة يظل الفنان الأصيل مخلصا لتراثه الفني مهما كانت التحديات.والفنانيين الكبار يتحدون من يتحداهم،بالقصيدة والعود،بعيدا عن المصالح الآنية..ويقول الروائي الروسي الكبير Lev Tolstoj:لن يخدم الفن أو العلم جمهرة الشعب الا إذا عاش العلماء والفنانون بين صفوفه،وأحبوا أفراده،وقدموا خدماتهم العلمية والفنية له.ولم يطالبوا بإمتيازات خاصة،لعزلهم عن مواطنيه.ويقول كارل ماركس:الرأسمالية ستجعل كل الأشياء سلع،الدين والفن والأدب، وستسلبها قداسته.وهذا ما يجري في الساحة الجيبوتية،وأغلبية الفنانيين مثل الخدم يركعون ويسجدون ويسبحون في محراب السلطان،ويقبضون الهدايا وقليل من الفرنكات “والقات”.بينما محمد فردا بقي شامخا كالطود في سماء الشعر،وبدا مدركا أن الجمهور بحاجة الي كشف الأوضاع السياسية بصدق بعيدا عن النفاق.وهكذا أصبح فردا حبيب الشعب وأستقر في قلوبهم من خلال شعر يعبر عن أحاسيس الناس في الشارع سواء في الحزن أو في الحب..”ثوب النفاق يشف عما تحته ** فإذا التحفت به فإنك عاري”..وفي الختام أختم كلمتي بقصيدة المتنبي الذي يمدح فيه نفسه،بدل مدحه لسيف الدولة حيث يقول:

إذا كان بعض الناس سيفا لدولة

ففي الناس بوقات لها وطبول

أنا السابق الهادي الي ما أقوله

إذا القول قبل القائلين مقول

وما لكلام الناس فيما يريبني

أصول ولا للقائلية أصول

وكأن المتنبي يقول لسيف الدولة:

إذا كنت أنت صاحب “الحكم”،فأنا صاحب الصوت،إن الملك لا يقوم بك وحدك،فأنا شريكك في إقامة الملك” وكأن محمد أحمد فردا علي مذهب المتنبي..وتحية مني الي الشاعر العظيم محمد فردا والشاعر الكبير الكلونيل محمد حسن المعروف ب حسن (pilote) والشاعر المناضل أحمد مالكو الصامد الي الأبد.

إبراهيم علي

الجيل الأول من الفنانين الكبار.

Comments

هنا تستطيع ان تترك تعليقا عبر حسابك في الفيسبوك دون إدخال الاميل او البيانات الخاصة بك

عن Ibarhim Ali

شاهد أيضاً

فالإتحاد الجديد أمامه الكثير من التحديات.

“شيطان يأخذ جميع هؤلاء الرهبان،فليس لديهم سوي مظهر خارجي إكتسبوه عبر قرون،أما في الحقيقة فليس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.